المصدر أونلاين - رويترز
على الرغم من الاحتجاجات اليومية التي تطالب بتنحيه فان الرئيس علي عبد
الله صالح متشبث بالسلطة وربما لايزال يعتقد أن بوسعه الخروج من هذه
الازمة.
ونجح رئيس أفقر دولة عربية في التعامل ببراعة مع الشبكات المعقدة للجيش والقبائل والساسة ليبقى في الحكم 32 عاما.
لكن قبل اكثر من شهرين بدأ شبان يمنيون يطالبون باسقاط صالح (69 عاما)
مستلهمين انتفاضتي مصر وتونس وأنحوا باللائمة عليه في تفشي الفساد وسوء
ادارة الاقتصاد الذي يعتمد على المساعدات والذي يعاني من جراء نمو سكاني
سريع واحتياطيات نفط تتقلص بسرعة وأزمة مياه مروعة.
وانشق الكثير من ضباط الجيش وشيوخ القبائل ورجال الدين وساسة الحزب الحاكم
لينضموا الى المعارضة. وتجري مواجهات بين وحدات موالية لصالح ومناوئة له
في العاصمة صنعاء وقتل جندي من كل جانب في تبادل لاطلاق النار يوم
الاربعاء.
ولم يعد بوسع صالح الاعتماد على الدعم من حليفتيه الولايات المتحدة
والسعودية اللتين كانتا تعتبرانه حليفا ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب
ومقره اليمن. ودعت السعودية وشركاؤها في مجلس التعاون الخليجي هذا الاسبوع
الى نقل السلطة في اليمن.
غير أن الرئيس الصامد الذي يشغل أقاربه مناصب أمنية رفيعة مازال يقاوم الضغوط من أجل تنحيه بسرعة.
تقول سارة فيليبس من جامعة سيدني والمتخصصة في شؤون اليمن " قراءتي
لاساليب صالح هي أنه في كل يوم يستطيع فيه التشبث بالسلطة يمكنه محاولة
تقويض من انشقوا فضلا عن المعارضة الرسمية وفي ذات الوقت يركز على حجته بأن
اليمن سينزلق الى الفوضى بدونه."
وأضافت "بعض اليمنيين خاصة من هم اكثر تأثرا بالتذبذبات البسيطة في
الاسواق المحلية ربما مازالوا يفضلون الوضع القائم على احتمال استمرار
الاضطرابات لفترة طويلة."
واستطردت قائلة "غير أنني أعتقد أنه كلما حاول هذا لفترة أطول كلما خلق مزيدا من العداوة."
وبعيدا عن اثارة احتمال نشوب حرب أهلية او فوضى لا نهاية لها لزرع الخوف
في نفوس المترددين فان الرئيس يستطيع ايضا الاعتماد على المال والسلاح
والبراعة السياسية.
وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني "مازالت الخزانة متاحة
لصالح بلا قيود.. فلديه الحرس الجمهوري والقوات الجوية والامن المركزي
والحزب الحاكم الذي يملك ما يكفي من المال والدعاية لاشاعة الخوف من
المجهول وكل هذا يمكن أن يحشد مئات الالاف من مؤيديه."
وأبرز المنشقين من الجيش اللواء علي محسن الذي نشر الفرقة الاولى المدرعة
لحماية المحتجين في صنعاء. وينظر الى اللواء القوي الذي ينفي السعي لرئاسة
البلاد على أنه لاعب أساسي محتمل في حقبة ما بعد صالح.
وقالت زينب العصام من مؤسسة (اكسكلوسيف أناليسيس) للاستشارات ومقرها لندن
ان صالح "ارتبط ببعض اكبر فضائح الفساد في اليمن في الاعوام القليلة
الماضية وله مصالح تجارية مهمة جدا."
وأضافت "انه لاعب رئيسي في قطاع الطاقة فيما يتعلق باشتراكه في صفقات نفطية كبرى وبوصفه مستفيدا من عمليات تهريب الديزل المربحة."
وقال الارياني ان صالح حول خسارة أحد أوثق حلفائه لصالحه وتمكن من تصوير
ثورة الشباب على أنها مؤامرة من محسن وحزب الاصلاح الاسلامي المعارض
وحلفائه القبليين.
وقتل 116 محتجا على الاقل في المظاهرات التي يشهدها اليمن منذ 11 فبراير شباط.
ويضمر كثيرون مشاعر مناهضة لصالح على الساحة السياسية والقبلية المتشرذمة
من جراء نزعة انفصالية في الجنوب وتمرد يثور ويخمد في الشمال وهجمات يشنها
متشددو القاعدة.
وصور صالح نفسه للمانحين الغربيين القلقين وجيران اليمن من دول الخليج على
أنه رجلهم في مكافحة تنظيم القاعدة لكنهم ربما ينظرون له الان كعبء. وطلب
مجلس التعاون الخليجي من صالح ومعارضيه الانضمام الى محادثات قد تبدأ يوم
السبت للاتفاق على انتقال السلطة تجنبا لمواجهة مسلحة.
ورفضت المعارضة اليمنية يوم الخميس عرضا بالمشاركة في المحادثات بوساطة خليجية وحددت مهلة أسبوعين لتنحي صالح.
وقالت المعارضة ان عرض الوساطة الخليجي الذي يشمل اجراء محادثات في الرياض
لم يكن واضحا بدرجة كافية بشأن سرعة انتقال السلطة المقترح حتى بعد طلب
ايضاح من السفراء الخليجيين.
ومن المؤكد أن الرئيسي سيبحث عن افضل صفقة لنفسه ولافراد أسرته المرجح أن
يرغبوا في الاحتفاظ بثروتهم والحصول على حصانة تقيهم المحاكمة.
ويقول جريجوري جونسن الباحث المتخصص في شؤون اليمن ان صالح يضع محاكمة
الرئيس المصري السابق حسني مبارك نصب عينيه لذا فهو لا يريد الاستقالة
ليواجه الاعتقال والسجن.
وليس واضحا الى متى ستمتد المواجهة لكن جونسن يقول "كلما طالت كلما تدهور
الاقتصاد والوضع الامني في اليمن. ويجب أن يحفز هذان العاملان الاطراف
الخارجية لاعطاء الدعم لانتقال سريع."
وهو يرى أن الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي
تفهم كل المخاطر لكن عليها اولا العثور على الية للانتقال مشيرا الى تضارب
ردود الفعل اليمنية على مبادرة مجلس التعاون.
وربما يكون صالح الذي تنتهي ولايته رسميا في عام 2013 يبحث لنفسه وبطانته
عن اكثر من الحصانة من المحاكمة وهي فكرة تقبلها أحزاب المعارضة لكن لا
يقبلها المحتجون الشبان.
وقال الارياني "انه يريد ايضا اعادة هيكلة القوات المسلحة وأن يكون له رأي
في من في الحزب الحاكم يحصل على الحقائب في حكومة الوحدة الوطنية."
وأضاف "علاوة على ذلك مازال يأمل في تبدل الاوضاع بما يسمح له بالخروج من هذا والاستمرار في الحكم."
من اليستير ليون