المصدر أونلاين ـ إيرين
أصيبت بنات محمد منيف الثلاث بحالة من الذهول عندما رأين معلمتهن تنزف من
رأسها بعد إصابتها بحجر خلال مظاهرة احتجاج، وعانين من صدمة أخرى عندما
أصيب شقيقهن أحمد البالغ من العمر 12 عاماً برصاصة طائشة في مدينة تعز
الجبلية في اليمن يوم 3 أبريل. وقال أحمد، الذي كان يتلقى العلاج في عيادة محلية: "كنت في طريق عودتي من
المدرسة عندما كان رجال الشرطة يطلقون النار على المتظاهرين في الحي،
فأصابتني رصاصة طائشة في ظهري أسفل عنقي".
وأضاف أحمد، الذي كان لا يزال يرتدي زيه المدرسي الملطخ بالدماء، أن
الرصاصة أُطلقت عندما كانت قوات الأمن تستخدم الذخيرة الحية لتفريق مظاهرة
مناهضة للحكومة كانت في طريقها إلى القصر الرئاسي.
وقد ضاعف الحادث مخاوف أخوات أحمد الثلاث، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 7
و11 عاماً، حيث قال والدهن محمد البالغ من العمر 40 عاماً لشبكة الأنباء
الإنسانية (إيرين): "رأت ابنتي الكبرى سارة معلمتها تنزف من رأسها بعد أن
ألقى البلطجية الحجارة على المدرسات المحتجات الأسبوع الماضي. وهي الآن
خائفة وترفض الذهاب إلى المدرسة دون مرافقتي".
كما تأثر العديد من الأطفال اليمنيين الآخرين جراء أعمال العنف التي صاحبت
الاحتجاجات المنتشرة على الصعيد الوطني ضد حكم الرئيس علي عبدالله صالح،
والتي بدأت في فبراير الماضي.
ويشعر مديرو المدارس بالقلق من التأثير السلبي لتصاعد العنف ليس فقط على
حضور الطلاب، ولكن على سلوكهم وتحصيلهم الدراسي أيضاً. وفي هذا الإطار،
قالت جميلة المجاهد، مديرة مدرسة معاذ بن جبل في صنعاء، لمنظمة الأمم
المتحدة للطفولة (اليونيسف) "أصبح الأطفال أكثر عدوانية ولديهم ميول
للشجار".
وأضافت قائلة: "لقد وجدت شعارات سياسية مرسومة على أذرع الأطفال. الاطفال
ليسوا معتادين على رؤية ومعاينة عنف من هذا القبيل. وما يجري الآن هو جريمة
ضد الطفولة".
وأفاد زعيم المقطري، نائب مدير مدرسة عمر المختار في مدينة تعز، في حديث
لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الطريق إلى مدرستنا أصبح محفوفاً
بالمخاطر بسبب المواجهات العنيفة والمتكررة بين القوات الحكومية
والمتظاهرين، ولذلك أصبحت نسبة حضور الطلبة إلى مدرستنا ضعيفة".
مقتل حوالي 20 طفلاً ووفقاً لمنظمة سياج لحماية الطفولة، وهي منظمة غير حكومية محلية، لقي ما
لا يقل عن 22 طفلاً حتفهم، وأصيب أكثر من 200 بجروح خلال الاحتجاجات في
مارس 2011.
وتقدر اليونيسف العدد الإجمالي للأطفال الذين قتلوا منذ بدء الاحتجاجات
بنحو 19 طفلاً. "هذا يُقدر بنحو 20 بالمائة من العدد الكلي للخسائر في
الأرواح وهو أمر مقلق للغاية،" كما أفاد جورج أبو زلف، أخصائي حماية
الأطفال في اليونيسف.
ومن بين 52 شخصاً قتلوا بأعيرة نارية خلال حملة ضخمة ضد المتظاهرين أمام
جامعة صنعاء يوم 18 مارس، قُتل طفلان على الأقل على بعد حوالي 250 متراً من
منزلهما. وفي 28 مارس، لقي مهيب عبد الله حسين البالغ من العمر 15 عاماً
حتفه على أيدي قوات الأمن أمام والده في شارع تعز في صنعاء.
وقد اتهمت منظمة سياج لحماية الطفولة الشرطة "باستغلال حالة الطوارئ
المعمول بها حالياً في البلاد" لإرتكاب انتهاكات ضد الأطفال. وعندما طُلب
من ضباط في مركز شرطة السبعين المسؤولة عن الأمن في الحي الذي قتل فيه
مهيب، التعليق على ما حدث، أخبروا شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن
الحادث قيد التحقيق وأنه لم يتم تحديد الجناة بعد.
استغلال الأطفال في حديث لصحيفة يمن أوبزرفر، اتهم سمير المتحاجي، الأمين العام للمنظمة
غير الحكومية طفولتي، المنظمات السياسية المختلفة، بما فيها ائتلاف
المعارضة السداسي المعروف باسم أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الشعبي
العام الحاكم، باستخدام الأطفال في المظاهرات.
وأضاف أن "هذا يعتبر خرقاً لجميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق
الطفل، لأن الأطفال ليسوا على دراية بمقاصد هذه المظاهرات،" داعياً قيادات
"ثورة الشباب" وأحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة مع الحكومة إلى عدم
السماح للأطفال بالانضمام إلى المتظاهرين.
وقال أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة، أن بعض الآباء أرسلوا
أطفالهم أيضاً للمشاركة في المظاهرات. وأضاف "إنهم لا يدركون أنهم يعرضونهم
للخطر، ويزيدون من تعرضهم لأخطار قاتلة".
وفي الشهر الماضي، حذر وزير التربية عبد السلام الجوفي من أن الحكومة
ستعاقب أي شخص يشرك الأطفال في الاحتجاجات، ودعا الجميع إلى احترام
المدارس. وأضاف بعد ورود تقارير تفيد أن بعض المتظاهرين في عدن قد هددوا
بحرق المدارس، إذا رفض المعلمون والتلاميذ الانضمام إلى الاحتجاجات: "لن
نتساهل مع الأفراد غير المسؤولين الذين يحاولون تقويض العملية التربوية".
كما أعلنت بعض جماعات حقوق الإنسان المحلية في 2 أبريل أنها ستتخذ إجراءات
قانونية ضد المتظاهرين لاستخدامهم الأطفال في المسيرات السياسية. وحثوا
مجلس حقوق الإنسان في جنيف على النظر في هذه القضية.