المصدر أونلاين ـ سمية القواس
تحولت الهتافات التي يرددها شباب الثورة في مختلف ميادين الحرية إلى لغة
معتمدة لدى الأطفال، تارة بغرض التسلية وتارة للضغط على الكبار لتلبية
مطالبهم.
وإذا كنا نعجب بالوعي الثوري كإحدى النتائج المهمة التي أفرزتها الثورات
في المنطقة العربية واليمن، ونغرق بالإعجاب بشباب الثورة على حداثة سنهم
وهم يتحدثون عن القوانين والدساتير والمراحل التي تمر بها الثورة، وغيرها
من المفاهيم التي كان كثيرون لا يتخيلون أن يفكر أو يتحدث عنها هؤلاء
الشباب، فإننا بالمقابل لا نستطيع أن نستوعب عجائب صنع الثورة في أطفالنا
وكيف بثت فيهم روح المقاومة والرفض لما قد يضايقهم أو لا يحبونه، ونسعد
أكثر إذا ما قارنا التضحيات بالمكاسب وأنها - أي التضحيات- لا تساوي أقل
المكاسب أن يتعلم أطفالنا المقاومة والثورة.
إسقاط "حمدان المجادم" تألمت ملاك (4 سنوات) كثيراً من خالها حمدان الذي يعضّها في كل مره يراها
فيها، وأثناء الثورة فاجأت الجميع بصرخة ثوريه ضد هذه المعاناة «الشعب يريد
إسقاط حمدان المجادم».
لا نعرف كيف يفهمها الأطفال لكنهم يعرفون جيداً متى يستخدمونها، تتولى
الأمهات مهمة رواية هذه القصص عن أطفالهن فأم عبد المجيد عزيز تقول إن
ابنها (9سنوات) ملّ من رفضها المتكرر الذهاب لساحة التغيير بسبب أخيه
الصغير، وعندها حدد المشكلة وأسبابها واهتدى للحل الطفولي وشرع في الهتاف
«الشعب يريد إسقاط النونو».
لعبة الشعب يريد تروي إحداهن أن أبناءها مع أبناء الجيران الذين يتجمعون للعب في باحة
المنزل قد تغيرت طريقة لعبهم مؤخراً، فحين بدأ الكبار يهتفون في ميادين
التغيير بهتاف «الشعب يريد ...» نقلتها الفضائيات لتنتقل العدوى إلى
الأطفال، وسرعان ما حولوها إلى لعبة وإن كانت لا تظل كذلك حتى النهاية،
فعادة ما يتفقون على أن يشرعوا في لعبتهم الجديدة «الشعب يريد» ثم ينقسمون
إلى فريقين: فريق يصرخ «الشعب يريد إسقاط النظام» والفريق الآخر يرد «الشعب
يريد على عبد الله صالح»، لكن اللعبة للأسف تنتهي يومياً باشتباك بين
الطرفين وصراخ ودموع.
ثورة ضد العشاء والمحمول آسيا وكيلة مدرسه وأعجبها كثيرا مستوى الوعي الذي انتشر حتى بين طلاب
المرحلة الابتدائية وأيضا مستوى التقبل للمطالب من المديرة حين خرج مجموعه
من الطلاب في مظاهرة بساحة المدرسة «الشعب يريد حصة رياضة» خرجت المديرة
وألقت خطاباً في الجموع، ومن الآخر وافقت على منحهم ما أرادوا قبل أن يرتفع
سقف المطالب.
طلاب الصف الرابع في مدرسة أخرى قرروا إسقاط الإدارة بدون سابق إنذار،
برغم حبهم الشديد للمديرة، لكنهم عاشوا الدور وذهبوا إلى الإدارة وبصوت
واحد: الشعب يريد إسقاط الإدارة، وحين خرجت عليهم المديرة وهي تضج بالضحك
من روعة ما ترى، قالت لهم تعالوا أحضنكم، فرحوا وتسابقوا إليها وانتهت
المسيرة.
حسين الحميقاني (5 سنوات) قرر تجريب الوسيلة الجديدة لرفض أي قمع أو
استبداد يتمثل لديه بمحاولات أمه إطعامه دائما وإن كان لا يرغب في الأكل
فصرخ «الشعب يريد إسقاط العشاء».
شخصياً تفاجأت وأنا أعد هذه المادة بصوت ابني يوسف (6 سنوات) وهو يصرخ:
«الشعب يريد إسقاط اللابتوب» لأني انشغلت عنه.. ضحكت كثيراً وشكرت الله على
الثورة.