المصدر أونلاين ـ إيرين
خرج آلاف المتظاهرين المصريين إلى الشوارع لليوم الرابع على التوالي
احتجاجاً على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبطالة وانعدام الحرية
السياسية. ونلقي في هذا التقرير نظرة فاحصة على هذه الحملة التي تحدت الحظر
الذي فرضته وزارة الداخلية على التظاهر في وقت سابق من هذا الأسبوع، بل
دعت عوضاً عن ذلك للخروج في مظاهرات حاشدة يوم 28 يناير.
وقد قتل ستة أشخاص منذ بدء المظاهرات في 25 يناير ويبدو أن إصرار
المتظاهرين قد أخذ الحكومة على حين غرة. وقد بدأت مطالب المتظاهرين تشمل
إنهاء رئاسة حسني مبارك للبلاد التي تمتد منذ 30 عاماً.
وأخبر مصطفى بكري، وهو من زعماء المعارضة، أثناء توسطه المحتجين في
العاصمة القاهرة يوم 27 يناير شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً:
"أولئك الذين يعتقدون أن المصريين غير قادرين على اتخاذ أي إجراء مخطئون
تماماً... فالبلاد تعاني من ركود وفقر وفساد ولن يستطيع الناس البقاء
صامتين إلى الأبد".
وفي مدن السويس والاسماعيلية والاسكندرية الساحلية، استخدمت شرطة مكافحة
الشغب الهراوات والغاز المسيل للدموع وطلقات المطاط في مواجهاتها مع
المتظاهرين. كما قامت ناقلات الجنود المدرعة بدوريات في شوارع القاهرة تم
خلالها اعتقال ما يقدر بـ 850 إلى1,000 شخص.
ما هي مطالب المتظاهرين؟ ويبدو أن استياءً واسع النطاق قد أثار موجة الاحتجاجات هذه وولد مجموعة
مختلفة من المطالب، أبرزها الاحتجاج على ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت
أميرة منصور، إحدى المتظاهرين أمام نقابة المحامين وسط القاهرة، وهي إحدى
النقاط الرئيسية للتجمع في المدينة: "أصبحت حياتنا مثل الجحيم... فمعظمنا
غير قادر على كسب قوت يومه... إلى متى سنبقى صامتين؟"
وقد أخذت أميرة، وهي موظفة خدمة مدنية وأم لثلاثة أطفال، إجازة من عملها
في 27 يناير للانضمام إلى المظاهرات. وتكسب أميرة 450 جنيهاً (حوالي 71
دولاراً) في الشهر من عملها، لكنها قالت أنها غير قادرة على تلبية بعض
الاحتياجات الأساسية لأطفالها.
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، يعيش 23 بالمائة من
الأطفال المصريين تحت سن الـ 15 على أقل من دولار واحد في اليوم.
كما أجج ارتفاع معدلات البطالة غضب المحتجين. وتقول الحكومة أن 10 بالمائة
من قوة العمل في البلاد البالغة 26 مليون شخص عاطلة عن العمل، ولكن
المراقبين المستقلين يقدرون أن عدد الشباب العاطل عن العمل أعلى من ذلك
بكثير.
قال أحد المتظاهرين ويدعى عثمان المنياوي الذي تخرج من كلية التجارة منذ
خمس سنوات لكنه لا يزال عاطلاً عن العمل: "لا نحصل سوى على الوعود الكاذبة
ولكن مشاكلنا ظلت كما هي منذ سنوات". وأضاف أن عدداً قليلاً فقط من زملائه
استطاع العثور على عمل، حيث قال: "إنها خسارة حقيقية للثروة الوطنية...
نطالب الحكومة بالاهتمام بأوضاعنا."
وينتشر الغضب حول محاولة الرئيس مبارك الترشح لفترة رئاسية سادسة تمتد لست
سنوات في وقت لاحق من هذا العام وحول أنباء عن خطط لتوريث الحكم لابنه
جمال. وقد أخبر زعيم المعارضة أسامة الغزالي حرب قناة دريم الخاصة: "لو كنت
مكان الرئيس، لن أترشح للرئاسة مرة أخرى... ولن أسمح حتى لابني لخوض
الانتخابات الرئاسية".
ما هو رد الحكومة؟ وقد حافظت الحكومة على هدوئها في اليوم الأول من الاحتجاجات محاولة اتباع
نهج تصالحي. وقال صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي
الحاكم أن للمتظاهرين الحق في التعبير عن أنفسهم بصورة سلمية وأن الحكومة
تعمل جاهدة لتلبية مطالبهم.
وقال في 26 يناير: "لقد أعطينا توجيهات للحكومة، حتى قبل بدء التظاهرات،
بالعمل على تخفيف معاناة الناس وإيجاد فرص عمل لهم". وفي بيان على موقعه
الإلكتروني، قال الحزب أنه ينظر للاختلاف في الرأي على أنه حق دستوري
وقانوني للمتظاهرين.
وأخبر رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة الصحف المحلية أن الحكومة لا
تعارض الاستجابة الإيجابية لمطالب الإصلاح وأن وسائل الإعلام قامت بنشر
شائعات حول تعديل وزاري محتمل للمجيء بوزراء جدد.
من هم المتظاهرون؟ وقد حاولت الحكومة ربط الاحتجاجات بمجموعة الإخوان المسلمين المحظورة في
مصر ولكن مجدي الجلاد، رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم اليومية المستقلة ،
أفاد أن المتظاهرين "أناس عاديون لا صلة لهم بالسياسة... ولكنهم يشعرون
بنبض بلدهم ولديهم مطالب".
وقد أطلق ناشطون ينتمون إلى حركات الاحتجاج كفاية، وهي تحالف شعبي معارض
للحكومة، وحركة شباب 6 أبريل الدعوات الأولية للتظاهر على مواقع الشبكات
الاجتماعية مثل الفيس بوك والتويتر.
وقد تطورت مطالب المتظاهرين، ففي 25 يناير كان معظم الحديث عن فرص العمل
وأسعار المواد الغذائية ولكن الأصوات التي تنادي بتغيير النظام علت أكثر في
اليوم التالي وبحلول 27 يناير أصبحت افتتاحيات الصحف المعارضة تناقش ذلك
علناً.
وقد كتب عمرو الشوبكي، وهو من منتقدي إدارة الرئيس مبارك في صحيفة المصري
اليوم أن "أولئك الذين يعتقدون أن المشكلة في مصر تكمن في حكومتها
مخطئون... المشكلة هي أن لدى مصر رئيس يحكمها منذ 30 عاماً، ولكن مهما كان
هذا الرجل حكيماً فالنتيجة النهائية لكل هذه السنوات من الحكم يجب أن تكون
سلبية".
ما هو الأثر؟ وقد تزامن بدء الاحتجاجات مع عطلة وطنية لحوالي 5.5 مليون موظف حكومي في
مصر. وبحلول 27 يناير، بدأت أعداد متزايدة من الأشخاص بترك وظائفها
للتظاهر.
وقالت عزة محمد وهي موظفة مدنية: "أصر ابني على عدم ذهابي إلى العمل اليوم
بعد أن شاهد أعمال العنف وسفك الدماء على شاشة التلفزيون...يتحدث الناس عن
وضع خطير في الشوارع."
وتسير المستشفيات التي تديرها الحكومة بشكل طبيعي على الرغم من الاحتجاجات.
وقال بعض طلاب المدارس، وخاصة في مدينة 6 أكتوبر التي تقع على بعد 40
كيلومتراً غرب القاهرة أن مديري المدارس أبقوهم داخل صفوفهم بعد أن انتهاء
الامتحانات حرصاً على سلامتهم.
في أثناء ذلك أفادت الحكومة أنه قد تم سحب ملايين الدولارات من سوق الأوراق المالية.