المصدر أونلاين ـ غيداء الصبري
ساحة الحرية في مدينة تعز استمت بجاذبية لا تزال قوتها تزداد كل يوم رغم طول الفترة.
شبان يبدو أنهم لا يعرفون الملل مطلقاً، بدأوا الاعتصام قبل أقرانهم في
أمانة العاصمة بفترة تزيد عن عشرة أيام لكنهم امتلكوا من الإصرار والقوة ما
جعل ساحتهم تستقطب كل ساكني تعز.
بلع عدد نواب الحزب الحاكم الذين استقطبتهم الساحة (21) نائباً بالإضافة إلى معظم أعضاء المحليات والوجهاء.
وكان لانضمام عدد كبير من ضباط الجيش والأمن أثر كبير في نفوس الشباب الذي
ساعد في تصاعد موجة الاحتجاجات وتفعيل عدد من المسيرات في الجماهيرية
واستجابة الجماهير للمشاركة الواسعة الذي أدى إلى قلق السلطات المحلية
والمركزية، ما دفع بهم إلى ممارسة القمع واستخدام القوة المفرطة وغير
المسبوقة (الرصاص الحي، القنابل المسيلة للدموع، القنابل السامة،
الاختطافات، احتجاز الدرجات النارية التي تقوم بإسعاف المصابين).
وكان في اعتصام تعز محطات هامة أبرزها تزايد الحشود المنظمة للساحة بعد
مجزرة جمعة الكرامة بصنعاء، وهجوم قوات الأمن على المعتصمين بساحة الحرية
وسقوط (17) قتيلاً، ومئات المصابين بالغاز والرصاص الحي.
"لمهمشي" تعز قصة أخرى كانت ما تسمى بـ"الفئات المهمشة" غائبة عن ساحة الحرية منذ بداية الأحداث
حتى الأسبوع الأخير كما قال أنور عبد الرحمن أحد شباب الثورة. وأضاف كان
يستخدمهم الحزب الحاكم في مواجهة المعتصمين وتم توزيع الأسلحة والأموال
عليهم وكانوا ممن حضروا مهرجانات ميدان السبعين في صنعاء.. وقد تفاجأ
المعتصمون بأنهم أعلنوا انضمامهم للثور خلال هذا الأسبوع والبعض يوعز ذلك
لتأثرهم بالجنائز التي خرجت من ساحة التغيير عقب صلاة الجمعة وهناك من يقول
إنهم مندسون، ولكن مع كل ذاك يظل حضورهم ضئيلاً وشبه غائب.
دراجات رهن الاحتجاز أكد محمد الذبحاني بأن الأجهزة الأمنية ومعاونيهم من "البلاطجة" لم تكتف
بمهاجمة المعتصمين بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والقنابل السامة..
بل أنهم تجاوزوا ذلك إلى الاعتداء على مُلاك الدراجات النارية الذين قاموا
بإسعاف المصابين، وكانوا ينتظرونهم عند خروجهم من الساحة لاحتجازهم هم
ودراجاتهم. كما أن بعضهم كان يقوم بعملية الإسعاف مع مالك إحدى الدراجات
ويساعده في حمل المصابين ذهاباً وإياباً إلى الساحة، وفي الأخير طلب منه
توصيله بمقابل ثم اعتقل واحتجزت دراجته.. ولم يكتفوا بذلك بل تم إحراق
السيارة التي كانت تنقل المصابين .
أنقذني ومات عمر القاضي (18 سنة) كان أمام مدرسة الشعب وأصيب باختناق جراء الغازات
المسيلة للدموع ونُقل للمستشفى، وبعد يومين عاود الصعود مرة أخرى للمنطقة
نفسها وأصيب بالغاز مرة أخرى، وأثناء قيام أحد أصدقائه بإسعافه وإعطائه
الخل أصيب صديقة برصاصه في الرأس أردته قتيلاً.. لم يتمالك عمر نفسه من هذا
الموقف حيث أصيب بانهيار عصبي يرقد في المستشفى الميداني حتى الآن، ويمر
بمراحل هستيرية حسب وصف أخيه ويردد بين فترة وأخرى: مات وهو ينقذني.
متطوعات الحزب الحاكم أوضحت إحدى المعلمات (لم ترغب في ذكر اسمها) أنه 32 معلمة من مدرسة 7
يوليو في تعز اعتصمن بسبب عدم صرف العلاوة من عام 2005 وحتى 2010، وقامت
مديرة المدرسة باستبدالهن بخريجات جامعيات متطوعات حتى يومنا هذا، ووعدهن
بتسليم الرواتب لهن، وعقب تسلمها تعميماً من النقابات بما فيها نقابة المهن
بالاعتصام رفضت المديرة بحجة أن نقابة المهن تابعة للحزب الاشتراكي ورفضت
التوقيع على أي إجازة للمدرسات المعتصمات.
نبيل الشجاع من شباب ساحة الحرية والمقيمين الدائمين فيها وممن عملوا
كلجنة أمنية ويحمي الساحة ويحشد أكبر قدر من الجمهور للساحة وعمل على توعية
المعتصمين في الساحة بالثورة وأهدافها من خلال المنصة.
ما أساء نبيل هو لماذا يهمش دور الشباب من قبل الأحزاب؟ ولماذا غاب
التمثيل الشبابي في اجتماع الرياض؟ وقال إنه يجب أخد رأي الشباب ولا يمكن
إقصاؤهم في أي مرحلة من المراحل القادمة. وأضاف أن الأحزاب ستسخر كل شيء
لمصلحتها، وأنه يجب عليهم أن لا يغفلوا كل الجهود التي قام بها الشباب،
مؤكداً بأنهم قد صاغوا أهداف الثورة وتواصلوا مع بقية الشباب في المحافظات
ليعرضوا عليهم الأهداف وأنها كانت نفس الأهداف باختلاف صيغها، كما دعا
الشباب في مختلف المحافظات ليحسموا أمرهم بشكل سريع وأن يكن لديهم ممثلين
ويكونوا تحالف واحد يضم كل التحالفات في محافظات الجمهورية ويختاروا مجموعة
تتحدث باسم الشباب كي لا تستفيد بعض الجهات من هذه الثورة وينتهي دورة
الشباب.
بلاطجة ومصورون أوضح أحد الشباب المشاركين بالمسيرة التي كانت متجهة للمحافظة أن المسيرة
كانت سلمية ومتجهة لعمل اعتصام لمدة ساعتين أمام المحافظة فقط، وأثناء
طريقه صادف احد الأصدقاء من رجال الأمن الذي أخذه جانبا وأخبره بأن القناصة
جاهزون على المنازل وخراطيم المياه والقنابل ونصحه بالعودة.. إلا أنه رفض
وقال له أنا نزلت إلى هذا المكان وأنا أعرف مصيري.. واتجه مع المعتصمين
وأثناء الطريق شاهد صفين من رجال الأمن خلفهم "البلاطجة" الذين بدءوا
برميهم بالحجارة وما كان من المعتصمين إلا الرد عليهم بالمثل وسرعان ما
انهالت الرصاص والقنابل من كل مكان، أختبئ بعض الشباب في المحلات تجنباً
للرصاص وتفرق البعض وبعد انسحاب المتظاهرين وهدوء المنطقة كان بعض
المعتصمين لا يزالون في المحلات التجارية المغلقة من الداخل وإذا بأصحاب
المحلات يفاجئون بأوامر بفتح المحلات والبعض وجهت الرصاص لأبواب محلاتهم
وتم دخول مجموع من البلاطجة للسرقة والتخريب والبعض الأخر يصور كي ينسبون
تلك الأعمال لشباب الثورة .
مسؤولون أمام القانون ذكر المحامي توفيق الشعبي أن رئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة يتحمل
المسئولية الكاملة عن الجرائم التي ترتكب بحق المعتصمين سلمياً، باعتبار أن
المسئول الأول في المحافظة مسؤول مباشرة عما ترتكبه أجهزة الأمن بمختلف
أنواعها، لأن هذه الجرائم يعد المسؤول الأول عنها هو الآمر بها وليس المنفذ
المباشر، وانطلاقا من ذلك يتحمل محافظة المحافظة ومدير أمن المحافظة
المسؤولية الجزائية تلقاء ما ترتكب من جرائم القتل والاعتداءات التي تطال
المعتصمين، ناهيكم عن أن جرائم كهذه ترتقي إلى مناص الجرائم ضد الإنسانية
المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مما يجعل
المسؤولين عن الأمن والتشكيلات الأمنية في المحافظة والأمرين والمنفذين
والمشاركين بهذه الجرائم مسئولين جنائياً ومدنياً. ويمكن رفع الدعوى
بمواجهتهم أمام القضاء الوطني أو القضاء الدولي وفقاً للنظام الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية، ونحن نقول لمحافظ المحافظة ومدير أمنها إنهما لن
يفلتا من العقاب إزاء ما يرتكب بحق أبناء هذه المحافظة ما لم يعلنا صراحة
عدم مسؤوليتهما عما ترتكبه قوات الشرطة والأمن والجيش والحرس الجمهوري
والأمن المركزي من أفعال مجرّمة.
كما أنه تم رصد أسماء وصور أشخاص توزع لهم أسلحة لمواجهة المعتصمين ولدينا
تصويرات فيديو لسيارة من نوع "هيلوكس" مدنية تحمل أسلحة عيار 12/7 لمواجهة
المعتصمين وسيتم محاكمتهم على ضوء الأدلة الموثقة بالصوت والصورة .