صدام أبو عاصمs.asim84@gmail.com
استغرب أحد الأصدقاء من ردي على سؤاله الخاص بعدد شهداء الثورة. كان يعتقد
وغيره كثيرين، أن من قتلوا من المحتجين سلمياً برصاص قوات الأمن أو
البلاطجة في ساحات التغيير والحرية في مختلف المحافظات، هم فقط من يجب أن
نطلق عليهم شهداء للثورة.
لم يستوعب عدد من قدموا أرواحهم قرباناً للثورة المباركة في عموم اليمن
حتى اللحظة التي سألني فيها وجاءت بالطبع، بعد مرور أيام على محرقة أبين
التي راح ضحيتها ما يقارب مائتي شخص، أكثر من خمسين منهم تفحموا تماماً.
لقد بدا العدد المهول الذي يفوق الـ300 شهيد الذين تضيء أرواحهم الطاهرة
واقع الثورة ومستقبل البلاد، صادماً للرجل في بداية الأمر، لاسيما وهو يجزم
أن عدد شهداء الثورة الشبابية السلمية المتداولة لدى الناس وفي وسائل
الإعلام هم فقط أولئك الذين سقطوا في مذبحة جمعة الكرامة بصنعاء في الـ18
من مارس الماضي.
كان ولا يزال عدد من الناس يؤمن أن أولئك فقط، هم الشهداء فضلاً عن
العشرات من الشهداء الذين سقطوا في اشتباكات أخرى مع قوات الأمن ومع عناصر
أمنية بلباس مدني في عدد من محافظات البلاد أهمها عدن وتعز والحديدة وذلك
قبل وبعد تلك المجزرة البشعة التي حدثت في صنعاء وراح ضحيتها ما يفوق 50
شهيد والتي سرعت دون أدنى شك، بانهيار النظام.
وفي حقيقة الأمر، كل الذين قضوا نحبهم خلال أيام الانتفاضة الشعبية
السلمية في بلادنا يدخلون دونما أي شك، في قائمة الشهداء الذين نفخت
أرواحهم الطاهرة جسد اليمن الذي بدأ يتشكل الآن، ولونت دمائهم الزكية خارطة
المستقبل الذي ينشده هذا الشعب العظيم لهذا الوطن الأعظم.
والمتابع جيداً لهذه المحرقة التي حدثت في أبين في الـ28 من مارس بعد
انفجار مصنع للذخيرة كانت تحرسه قوات تابعة للأمن المركزي والحرس الجمهوري
لكنها تركته بطريقة أو بأخرى للجماعات المسلحة المتشددة، وهذه الأخيرة
استولت على الأسلحة الثقيلة ودعت أو تركت المواطنين البسطاء الذين يبحثون
عن قوت يومهم بسبب تجويع هذا النظام أيضاً، يهبوا إلى هذا مكان المصنع
للتفيد وحدث ما حدث بعد ذلك من مأساة، لا يمكن للمتابع أن يغفل حقيقة تحمل
النظام مسئولية هذه الكارثة الإنسانية البشعة ويجب أن يساءل عليها كما كل
الدماء التي سالت في البلاد.
في يوم كارثة أبين وصفت ضحاياها بالشهداء وذلك في تأسفي المسطر الذي كتبته
في صفحتي الشخصية في (الفيس بوك) غير أن أحدهم اعترض على ذلك وقال لي كيف
تصف من جاء للنهب والسرقة ومن ثم حرق فجأة بأنه شهيد. استغربت من ذلك
المنطق بالطبع، وبعيداً عن تأكيداتي له بأن كلمة شهيد تطلق على كل من مات
بكارثة وهؤلاء منهم، بعيداً عن ذلك، قلت له أنهم شهداء للثورة المباركة.
وفي السياق، لا يتوجب أن تغفل وسائل الإعلام والمهتمين وحتى السياسيين
والقادة الثورة الشبابية وأعضاؤها في مختلف المحافظات، مسألة تعميم هذا
الأمر.