معتصمون في ساحة التغيير: هذه فرصتنا التاريخية ولن تعوض إذا ضاعتالمصدر أونلاين - عبدالكريم الخياطي
في ميدان التغيير بأمانة العاصمة خرج آلاف الشبان يلتمسون حياة أخرى لا
تتمثل في المطالب المادية, وإنما الحياة في جوانبها الإنسانية (الحرية،
العدالة، الحق، الخير، الكرامة) ولم تكن الثورة -بالنسبة لهم- تعطيلا
للحياة، بل تجسيدا لها وبحثا عنها في الوقت ذاته.. محمد المقبلي, وهمدان
الحجب, هشام المسوري, وكمال حيدرة, وشادي ياسين, وشاذلي البريهي, وشهاب
الشرعبي, ومحمد عبدالله الجرادي, وجدي السالمي, ميزار الجنيد, وسلمان
الحميدي, وفخر العزب, ومراد السعيد, ووو.. شباب سيفخرون أنهم كانوا في
الطليعة.. لتجسيد اليوم الذي عمل عليه المخضرمون من السياسيين والحزبيين,
وفي لحظة مهمة فجره هؤلاء وزملاء لا نذكرهم اليوم..
عبدالجليل الحدب –أحد الشباب المعتصمين منذ اللحظات الأولى وطالب علوم
سياسية مستوى ثاني، 22 سنة- حين يسأله الناس عن بدايات الثورة يجيبهم بأنه:
"ليس هناك تاريخ محدد للخروج" ويضيف: "عملنا النضالي لا تحدده التواريخ
والمواعيد" لكنه يوضح أن بداية الاعتصامات منذ 15 يناير يوم خروج الشباب في
مظاهرات للسفارة التونسية مع توكل كرمان وبعض منظمات المجتمع المدني
احتفالا بسقوط النظام التونسي.
أما الشاب همدان مثنى الحجب (الضالع 25 سنة –سنة رابعة بكلية الآداب قسم
العربية وآدابها) فيوضح أن استشعاره كغيره ممن جاءوا إلى ساحة الجامعة
لمسئوليتهم تجاه بلدهم, كان الدافع الرئيسي له ولغيره للخروج". ويشرح:
"نشعر أن البلد سلب كل معاني الكرامة والحياة الطبيعية منذ عقود, ويجب أن
نعيد إليه ألقه, ونريد أن نسترد معاني وحدته ومضامين ثورته, وأعتقد أن هذه
فرصتنا التاريخية كيمنيين, وكشباب, ولن تعوض إن أضعناها".
عن كيفية البداية وما هي الأنشطة التي بدءوها؟ يقول همدان: "بدأنا منذ
فترة مبكرة, وعبر نشاط توعوي ركزنا فيه على أن الإصلاحات التي تحتجها
البلاد لا يمكن أن تأتي عبر هذا النظام الذي أفسد كل شيء حتى الأجواء
السياسية".
ومن جانبه، محمد المقبلي -ناشط حقوقي وصحفي وأحد أبرز الشباب المشارك في
المظاهرات التي كانت البداية للانتفاضة الشبابية هو من أوائل الشباب الذين
اعتقلوا في 15 يناير يتحدث عن الشعور الذي يعتريه وجميع من بدءوا في هذه
الثورة: "نشعر بسعادة غامرة بعد أن صارت اليوم ساحات التغيير في اليمن,
معارض, ومهرجانات يلتقي فيها جميع اليمنيين بكل فئاتهم, وشرائحهم, يلتقي
القبيلي بموروثه التقليدي الجميل, مع المثقف والطالب الجامعي, و... هي
باختصار صورة جماعية لكل اليمنيين".
وعن الوسائل التي استخدمها الشباب، يرد همدان الحجب: النشرات الجامعية,
والمواقع الاجتماعية على الإنترنت (الفيسبوك, والتويتر) وغيرها، والندوات,
واللقاءات على ساحة الجامعة أيام الدراسة".
وحول ماذا يريد الشباب من تصدره لهذه الفعاليات؟ يقول عبدالجليل الحدب :"
لطالما كان الحلم يراود كثيراً من الشباب اليمني أن يكون شريكا فعالا في
إحداث تغيير ما, هو حلم عانقناه منذ أمد طويل وتقنا لمشاهدته واقعاً
حقيقياً على الأرض". ويكمل: "كانت أحداث تونس دافعاً قوياً وعاملاً مشجعاً
إلا أن الفكرة كانت تراودنا دوما".
ويشرح المقبلي الأسباب التي تجعل هذه الجموع وخاصة الشباب مصمما على عدم
مغادرة هذه الساحات قائلا: "أنا وغيري من الشباب نشعر أن حياتنا متوقفة
ومعطلة في ظل بقاء هذا النظام, ومطالبنا الآن غير مقصورة على الوظيفة
العامة وبعض المطالب المعيشية لأن هذه جزئيات, نحن الآن اجتمعنا لندعو
لإسقاط هذا النظام الذي قد يتسبب بقاؤه في تدمير اليمن ومستقبل أبنائه".
هذا ما يريده النظام ونحن نفهم ذلك عبدالجليل يقطع الطريق على المتربصين بالشباب عبر مسميات مثل قادة الثورة
مع حرصه على تأكيد أن الثورة صناعة شبابية, ويقول: "في مثل هذه الظروف,
تتضاءل أمام أعيننا مسميات من مثل قيادة, الكل هنا يعتبر نفسه شريكا مهما
في صنع مستقبل اليمن"، ويوضح الطابع الفكري الذي يغلب على شباب اليمن:
"هناك جنوح لعدم التفكير بالقائد الذي يفكر نيابة عنك. الكل هنا أصبح
مدركاً لما يحلم به وما يريده, فدور القائد يبدو أنه هنا قد يختفي, الجميع
يمارس دور القائد".
وبتعقل الكبير وحنكة السياسي يرد الشباب على من يريد خلق انطباع عام
بتنافس بين الشباب والأحزاب, ونجد هذا في توضيح محمد المقبلي: "رغم أن
الثورة شبابية في طابعها العام, لكن لا أحد يستطيع أن يمنع أيا كان من أن
يسهم فيها فهي في الأول والأخير لأجل اليمن وملكا لشعبه, ونعرف جميعا أن
الثورة هذه أسهم فيها جميع مكونات الشعب اليمني, شباب, ومنظمات وأحزاب
ومثقفون، وغيرهم".
ويضيف: "أنا أستغرب من التحسس لدى البعض وهم قلة من اسم الأحزاب ونحن في
بلد يصنع ديمقراطيته, ولن يبدأها أبدأ بالإلغاءات. وننظر للأحزاب كمكون مهم
في العملية السياسية, اليوم إعلام السلطة وأمنه يحاول إنزال الشائعات
وتصوير الأحزاب ككائن شرير سيقفز على الثورة, وهذا لن ينطلي أبدا على
مكونات الثورة ونحن كشباب نفهم ذلك جيدا".
ويستطرد المقبلي: "ولا يمكن لأحد إنكار أن أغلبية الشباب المبادر للثورة
هم منضوون لأحزاب, لكنهم كانوا أسبق فقط من الأحزاب في رفع لافتة إسقاط
النظام, وعانوا من أجل ذلك, ولا نية لأحد أن يلغي أحداً".
نواب ينضمون إلى ركب الثورة أعلن عدد من نواب المؤتمر الشعبي "الحاكم" استقالتهم من حزبهم وتأييدهم للمعتصمين المطالبين بإسقاط النظام.
عبدالكريم الأسلمي عضو مجلس النواب المستقيل من المؤتمر الشعب العام, يقول
إن الذي دفعه للاستقالة من المؤتمر وبعض زملائه, هو "ما رأيناه من تعامل
الأمن والسلطة مع هؤلاء الشباب المتظاهرين السلميين والاعتداء عليهم وإراقة
دماء يمنية طاهرة, وكذلك ظهور ظاهرة بعيدة عن المجتمع اليمني وهي البلطجة
عبر تسليط بعض البلاطجة على الإخوة المعتصمين المطالبين بحقوقهم حسب
الدستور والقانون".
أما النائب الشاب عبدالمعز دبوان -39 سنة– فقد انحاز لهؤلاء الشباب منذ
البداية في خيمة البرلمانيين يستقبل زملاءه بابتسامته اللطيفة ونشاطه
الدءوب, ولأنه يعتبر قريب من شريحة الشباب يشرح هنا مشاعره لتواجده بينهم
"أشعر بالسعادة لوجودي بين هؤلاء الشباب الذين تشعر فعلا أنهم فقدوا الأمل
في الإصلاحات الترقيعية التي حاول النظام تقديمها في الفترة الماضية,
ولاحظوا عدم جديته لأنهم فقدوا الأمل تماما في كل ما يقوم به من إصلاح
ترقيعي, واليوم أصبح هدفهم الموحد هو إسقاط هذا النظام".
ويضيف أنه بعد أن رأى عزيمة الشباب: "أعتقد أن لا أحد يستطيع أن يقف أمام
إرادة الشعوب وأنها تقهر كل الطغاة ووسائلهم وأجهزتهم, وما حدث في تونس
ومصر هو أكبر دليل, حيث كان هناك نظامان أمنيان قمعيان, وتماسكهما أشد
بكثير من اليمن ومع ذلك انهارا أمام إرادة الشعوب والشباب بالذات".
ويكمل: "أعتقد أن الرسالة قد قالوها هم لنا, بأنه يجب أن ينضم إليهم الجميع".
النائب صخر الوجيه تحدث لنا وللشباب عن ما يشاع من مبادرة للمشترك والتفاف
على المعتصمين: هذه شائعات لا أساس لها من الصحة، ما اتفق عليه المشترك
وشركاؤه مع العلماء هو أولا حماية المعتصمين, وثانيا القبض على المعتدين
وتقديمهم للمحاكمة, وثالثا وضع خطوات واضحة للانتقال السلمي للسلطة بحيث
يؤدي هذا الانتقال للتغيير الذي ينشده هؤلاء الشباب المعتصمون وجماهير
الشعب المعتصمة, أما ما يشاع فهو للأسف من قبل مدسوسين من السلطة يريدون به
النيل من عزيمة الشباب وإرادتهم. وأنصح هؤلاء الشباب ألا يلتفتوا لمثل هذه
الشائعات, وأن يظلوا في أماكنهم, وأن يستقطبوا الكثير من الشباب الذي لا
يزال مترددا لينضموا إليهم.
وعن رأيه كنائب مستقل في الشائعات التي تقول إن هناك خطابا سياسيا لأحزاب
معينة تسيطر على الساحة؟ يتحدث الوجيه: أقول للجميع ليس لنا إلا هدف واحد
وهو تغيير النظام, سواء بانتقال سلس للسلطة إلى الشعب, أو عبر إسقاطه إن
رفض مطالب الشعب, وليس لنا إلا هذا الهدف ولا يجب أن يلتفتوا لبقية
الشائعات.
ويضيف: "أنا لم ألاحظ أي هيمنة لكن السلطة تجيد نشر الشائعات, لكنها اليوم
أصبحت مكشوفة للجميع, ولقد تجاوز اليمنيون كل ألاعيبها. فالسلطة منذ
استلامها حكم اليمن تتبع سياسة فرق تسد, وتحاول أن تزرع الفتن بين القبائل
والمذاهب, والمناطق الشمالية أو الجنوبية عن طريق دعم بعض المتقطعين الذين
لم تقبض عليهم إلى اليوم, أو غيرها".