المصدر أونلاين في قاع القيضي بحثا عن تفاصيل الحادثة
المصدر أونلاين - جبر صبر
في مستشفى الجمهوري وبقسم الحروق يرقد المواطن عادل الريمي ذو الثلاثين من
عمره، يرقد بآلامه الحارقة التي تلسع جسده، جراء إحراق كافة جسده "إصابة
من الدرجة الأولى"، بعد أن أقدم السبت الماضي على إضرام النار في جسده في
ظروف لا زالت حقيقتها متضاربة.
ففي ساعة متأخرة من مساء السبت الماضي، وصل خبر من أكثر من مصدر محلي: أن
طاعناً في السن "احرق نفسه" أمام قسم شرطة قاع القيضي جنوب العاصمة والتابع
لمديرية سنحان محافظة صنعاء- احتجاجاً منه على قيام قسم الشرطة بحبسه لمدة
أسبوع كامل وإجباره على إمضاء أوراق تدينه، وقتها خرج العشرات من أهالي
المنطقة بشكل عفوي إلى أمام القسم احتجاجا على ما حدث ليحضر إلى القسم مدير
أمن محافظة صنعاء –محمد صالح طريق، وبعد تصاعد احتجاج المواطنين أمر
بإغلاق القسم وأوقف مدير القسم وهو أحد أقربائه وبقية أفراده، وأكد
للمحتجين حسب قولهم أنه سيحيل مدير القسم والبقية للتحقيق.
القسم عبارة عن عمارة مكونة من طابقين وأشبه ما تكون "بالخرابة"، فضلاً عن
كونها قسم شرطة، نوافذ القسم "كراتين" وأخرى قوالب اسمنتية، ذلك من خارج
المبنى، أما داخله فهو أسوأ، فغرفة الحجز الوحيدة التي لا تليق بحجز بني
آدم فيها، يوجد فيها نافذة واحدة صغيرة جداً هكذا بدا لنا القسم في اليوم
التالي من الحادثة بعد أن أغلق وتم إخلاؤه ونزعت اللوحة التعريفية به، وعند
سؤالنا بعض أبناء الحي عن الواقعة أكدوا عدم معرفتهم بالتفاصيل، عدا تجمع
عشرات المواطنين أمام القسم.
شيخ قاع القيضي: الشاب كان يعمل حارسا في عمارة مدير القسم من جهته أكد الشيخ حسين مهدي إسماعيل العمدي –شيخ منطقة قاع القيضي أن
الشاب الذي أقدم على حرق نفسه كان يعمل حارساً بعمارة مدير القسم
"عبدالجليل طريق" بمنطقة دار سلم، وأتوا به إلى قسم قاع القيضي وقاموا
بحبسه لمدة أسبوع كامل بتهمة قيامه بسرقة آلة لتقطيع الأحجار "جلخ".
وأضاف العمدي في حديثه لـ"المصدر أونلاين" أن عادل الريمي كان قد أبلغه
أثناء تواجده بالحبس أنهم قاموا بحبسه لمدة أسبوع كامل واتهموه بذلك
ويضغطوا عليه لتسليم "الجلخ" أو دفع ثمنه، وهو ينفي ذلك". ويضيف: عند
الساعة 12 مساء السبت نزلنا إلى القسم وحضر كافة مشائخ المنطقة وقاموا
بإغلاق القسم وحجز العسكر مع نائب المدير ومدير البحث داخل القسم خوفا من
الفوضى ومعرفة حقيقة وأسباب "إحراق المواطن نفسه"، وقمنا بإبلاغ الدولة
وحضر مدير أمن المحافظة، ومدير القسم، والتزم مدير أمن محافظة صنعاء بإغلاق
القسم، وقام بأخذ الجنود إلى أمن المحافظة للتحقيق معهم، كما أكد لنا أنه
سيقوم بإغلاق أقسام شرطة أخرى بالمحافظة تم فتحها لعدم وجود إمكانيات
لديهم.
وأشار الشيخ العمدي إلى أن القائمين على القسم غير نظاميين، ويقومون بتعسف
المواطنين والبيع والشراء بالقسم. مدللاً على ذلك بقوله أنه قام ذات مرة
بتوقيع ورقة فطلب منه مبلغ خمسة آلاف ريال، على الرغم أن الرسوم مجاناً،
كما أن لديه حسب قوله عدداً من أوامر القبض القهرية بحق متهمين إلا أن
القسم لا يعمل بها، بل يصل الأمر أن بعضهم ممن يتم بحقهم أوامر قبض قهرية
نجدهم برفقة مدير البحث في القسم بجواره على متن سيارته"، فضلاً عن أن من
يتم توقيفه يقضي في الحجز أيام في مخالفة صريحة للقانون الذي يقول أنه لا
يحجز لأكثر من 24 ساعة.
ويؤكد العمدي على أن المنطقة بحاجة إلى قسم شرطة كون المنطقة ذات كثافة
سكانية واسعة وكون المسافة عن مديرية سنحان بعيدة، مطالبا بقسم شرطة يخضع
للنظام والقانون دون أي تدخلات، ووضع أشخاص ذي مسؤولية، وأن لا يعملوا على
تشويه صورة الدولة، وخاصة في الوضع الراهن –حد قوله.
كما طالب بمكافحة الفساد لدى بعض أفراد الداخلية، وخاصة منهم القائمين على
أقسام الشرطة، والعمل بموجب القانون، وإحالة أي متهم إلى النيابة خلال 24
ساعة، وعدم بقائه محجوزاً، وطالب بتشكيل لجان خاصة تقوم بالإشراف على أقسام
الشرطة، وخاصة –كما يقول- في مديرية سنحان محافظة صنعاء.
مدير البحث ينفي إجباره وإحراقه بدورنا قمنا بالاتصال بمدير أمن محافظة صنعاء العميد محمد صالح طريق لأخذ
تعليقه على ذلك، لكنه لم يرد، كما أرسلنا إلى هاتفه رسالة بذلك.
ثم تم التواصل مع مدير البحث في القسم "المغلق" جميل الجميلي وقد نفى
جملةً وتفصيلاً أن يكون "عادل الريمي" قد أحرق نفسه كما أشيع أمام القسم.
وفي حين اعترف أنه كان مسجوناً لديهم إلا أنه أكد "أن سجنه كان لمدة
يومين، وأن واقعة الحرق كانت بعد خروجه من السجن لديهم بيومين في منطقة دار
سلم وليس أمام القسم".
وحول اعتصام عشرات المواطنين أمام القسم احتجاجاً على ذلك قال الجميلي:
هؤلاء أصحاب الأراضي الذين يريدون أن يتهبشوا". وعن إغلاق القسم قال: إن
الناس غرروا على الداخلية أن القسم محاصر فأراد وزير الداخلية تهدئة الوضع
بإغلاقه".
وأوضح مدير بحث قسم شرطة قاع القيضي أن ابن عم عادل الريمي "المصاب" كان
حارساً في عمارة مدير القسم بدار سلم، فسافر ليضع محله "عادل"، فقام مقاول
العمارة برفع شكوى إلى القسم متهماً إياه "بسرقة" "جلخ".
ونفى الجميلي "أن يكون قد قام بإجبار "عادل" على الإمضاء على أوراق تدينه، قائلاً: لماذا سأجبره؟ ما الفائدة من ذلك؟ هذا لا يجوز".
وأكد الضابط جميل الجميلي أن عادل الريمي أقدم على إحراق نفسه لظروف معيشية صعبة، يمر بها.
ويبقى "عادل" على سرير المستشفى الجمهوري يكتسي" شاش" يضمد جراحه، يعاني آلام حروق تغطي كل جسده.
وعند زيارتي له إلى المستشفى بقسم الحروق، لم أجد أحداً بجواره من أقاربه
أو معارفه ليشرح تفاصيل الواقعة.. وإن كانت تضاربت أخبار مكان وقوع حادثة
"الحرق" إلا أن ما أقدم عليه سواء كان ذلك نتيجة حبسه ظلماً أو لظروف
معيشية يبقى السبب واحداً، وهو الحياة في ظل بلد يعاني أمنياً واقتصادياً
وفساد يحرق جسد الوطن والمواطن.