محمد العبسيAbsi83@maktoob.com كان مشهداً تونسياً خالصاً: ثلاث هراوات عسكرية تنزل على رأس النائب
المستقل أحمد سيف حاشد. نجحت الهراوات في الوصول إلى وجه النائب حاشد لكنها
أخفقت في إضعاف عزيمته. تصاعدت الأحداث بسرعة دراماتيكية: سيارات الشرطة
العسكرية تشق جموع المتظاهرين، جنديان يقتادان المحامي خالد الآنسي إلى
سيارة الشرطة العسكرية، آخر يصعد الحقوقي علي الديلمي إلى الـ»بوكس».
ولأكثر من مرة تستخدم قوات الأمن العصي لتفريق المتظاهرين. وبالمحصلة كانت
النتيجة اعتقال أكثر من 12 متظاهراً بين طالب جامعي وناشط حقوقي وبعض أبناء
الجعاشن والاعتداء على مصور قناة الجزيرة مجيب صويلح وتجريده من كاميرته.
وصباح الأحد فشلت قوات الأمن المزودة بالهراوات والذخيرة في تفريق مظاهرة
سلمية انطلقت من مقر نقابة الصحفيين وصولا إلى مقر النائب العام للتضامن مع
رئيس منظمة صحفيات بلا قيود الزميلة توكل كرمان التي اختطفت بعد منتصف
الليل دون أمر من النيابة، ولا حياء أخلاقي واجتماعي، واقتيدت إلى السجن
المركزي بصنعاء. إنه سلوك عصابة خطف لا دولة.
حمل المتظاهرون الورود وحملت قوات الأمن الهراوات، هتف المتظاهرون «نحن
والشرطة والجيش يجمعنا رغيف العيش» ورد كبار الضباط «هؤلاء يستلمون
دولارات».
إنه نفس المشهد التونسي الذي تعيشه صنعاء منذ أسبوع. جموع بشرية ساخطة
معظمها من طلاب الجامعات، تهتف بصوت عال: «يا علي عبدالمغني، علي صالح
أفقرني». و»أين دستور الوحدة أصبحنا ملك الأسرة». ثم تستخدم قوات الأمن
الهراوات والرصاص الحي أو جموعاً مدسوسة تهتف للرئيس صالح وتشيد بحكمه
وبقائه.
في صنعاء انطلقت، مع الصباح الباكر، جموع طلابية وحقوقية وصحفية تغيبت
عنها قيادات أحزاب المعارضة. وفي تعز اعتصم العشرات من النساء عصراً أمام
مبنى المحافظة. وبين هذه وتلك كان استنكار جريمة اختطاف الزميلة توكل
كرمان، والتنديد بالسلطة ومطالبة الرئيس صالح بالتنحي عن الحكم.
الشارع هو الحل. هذا هو عنوان المرحلة القادمة. من المؤكد أن السلطة لم
تستفد من التجربة التونسية وأنها ماضية في غيها. فهل استفاد الشارع اليمني،
حتى لا أقول المعارضة، من الدرس التونسي؟ الأكيد أن العداد الرئاسي قد قلع
أو يوشك، وأن فكرة التوريث صارت في عداد المفقودين والموتى.