ما تقوم به الجزيرة عار غير مسبوق في تاريخ العرب ، بتلك الكلمات وصف رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات الثلاثاء ما تقوم به قناة" الجزيرة" القطرية من نشر وثائق سرية حول سير المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وطالب عريقات في تصريحات لوكالة "سما" الفلسطينية "الجزيرة" الفضائية بنشر كل ما لديها من وثائق والتي تقول انها تتعلق بمسار المفاوضات مع اسرائيل.
واشار الى " ان هذا العقاب يأتي من اداة الجزيرة ومن يقف وراءها " مشيرا الى " ان لدينا الكثير الكثير من الوثائق التي ستبين من وراء هذه القناة .. وهي وثائق ليست مزورة بل حقيقة .. عما يدور بينهم وبين الامريكيين والاسرائيليين .
ولم يوضح عريقات الجهة التي يقصدها غير انه تعهد " بأنه سيوضع كل شىء بكل شفافية حقيقة لهذه الانظمة التي تقف وراء هذه القناة والتي لا هم لها سوى دمار العرب وكسرهم " متهما الجزيرة " بأنها مشاركة في حرق العراق وغزة وحوصرت وهم يريدون الان حرف الانظار عما يجرى الان .
واتهم عريقات القناة القطرية بالانتقائية في نشر ما تقول انها وثائق مشيرا الى " اننا نلاحظ ان ما نشر حتى حول القدس واللاجئين لا يتعدى صفحتين ".
وقال " اذا كان لديهم 1600 صفحة وليس وثيقة كما يقولون فيجب ان لا يعملوا وفق هذه الانتقائية وهذا التحريف والتحوير " مشيرا الى " ان هذه الوثائق التي يدعون انهم سرقوها من مكتبي صحيحة فلينشروها كما جاءت ".
وشدد على " ان الموقف الفلسطيني يؤكد انه يجب على اسرائيل ان تقبل المسئولية عن اللاجئين ويجب عليها ان تقبل القرار الاممي رقم 194 المتعلق بقضيتهم .
ونبه على " ان السلطة الفلسطينية لا يمكنها حل قضية اللاجئين الفلسطينيين " مشيرا الى " ان اللاجىء هو الذي يختار العودة الى اراضي العام 1948 او الى دولة فلسطين والتعويض يجب ان يكون معها ".
وقال " ان هذا هو الموقف الفلسطيني الرسمي " مشيرا الى " اننا لم نتفق مع اسرائيل على أي شىء حول هذه القضية ".
وحول قضية القدس المحتل اوضح عريقات " ان القدس الشرقية والمسجد الاقصى المبارك هي اراضي محتلة ولا يوجد لها أي خصوصيات وشرق القدس يجب ان يكون عاصمة لدولة فلسطين.
واكد عريقات " ان ما تقوم به الجزيرة هي عملية تعتبر جزء رهيب خطير اجرامي من خطة تهدف الى زعزعة الشعب الفلسطيني سواء كان في الاردن او فلسطين او لبنان او السعودية " منبها الى " خطورة هذا التحريض المقصود الذي يستهدف هؤلاء ".
ووصف ما تقوم به الجزيرة " بأنه سابقة تفتقر الى المهنية الاعلامية والتي تهدف الى التحريض على القيادة الفلسطينية " مشيرا الى " اننا صمدنا 18 عام دون ان نقبل أي مما عرضته اسرائيل علينا ".
وشدد على " اننا ما يجرى هو عملية عقاب لصمودنا ولموقفنا خاصة بعد ان توجهنا الى مجلس الامن الدولى واننا نرفض التفاوض مع اسرائيل دون وقف الاستيطان وقد كان لدينا اصرار دائما وسيتواصل بالتمسك بحقوقنا كما اقرها القانون الدولى ".
وقال " اذا كانت لديهم الوثائق فلينشروها كلها " مشيرا الى " ان كل ما نشر حتى الان لا يتجاوز صفحتين او ثلاث صفحات جرت بانتقائية عالية خبيثة جاءت بقصد تدمير موقف المفاوض الفلسطيني الصامد على حقوقه الثابته وفق القانون الدولى ".
واشار الى " ان مندوب الامم المتحدة لعملية السلام روبرت سيري الذي لديه هذه الوثائق قال في بيان له امس انه اطلع الموقف الفلسطيني وقد اكد انه يستند الى القانون الدولى " كما ان الامين العام لجامعة الدول العربية لديه الوثائق التي تؤكد تمسكنا موقفنا المستند لهذه القانون .
وحسب عريقات " فأن الجزيرة وكما تحرق الان في تونس وفي لبنان وفي مختلف الدول العربية " فأنه تنفذ " مخطط حقيقي اصبح مكشوف بالكامل " مشيرا الى " انه فوجىء عندما ذهب للقاء في القناة قبل يومين حيث وجد خمسة من العاملين فيها وقد امضوا اشهرا في دراسة ما لديهم ثم عملوا على مقاطعتي كلما اردت الحديث بكلمة ".
وتعهد عريقات " بأنني سأبين للقاصى والداني الكذب والزيف في كل ما قيل " مشيرا الى " ان الوثائق التي لدينا سيتم التعامل معها للجمهور الفلسطيني " مشيرا الى " ان جميع دراساتنا حول المفاوضات موزعة لجميع المؤسسات الفلسطينية المختلفة ".
وقال " كنا نعطي محاضرات في كل الاماكن الفلسطينية وهذه الوثائق مودعة كذلك لدى الاردن ومصر والسعودية وايضا دولة قطر لديها نسخ بخرائط "
واتهم عريقات "الجزيرة " بالمشاركة حملة تستهدف منظمة التحرير قال " ان الهدف منها هو اسقاط السلطة الفلسطينية لانها ترفض العودة الى المفاوضات وترفض ان تستمر هذه المفاوضات ما استمر الاستيطان وتصر على التوجه الى مجلس الامن الدولى وتريد من دول العالم الاعتراف بدولة فلسطين ".
وشدد على " ان هذه هو المخطط الذي تشارك فيه قناة الجزيرة " مشيرا الى " ان الانتقائية والتشويه والتحوير والتزوير هي بادية في كل جانب .
ودعا عريقات ابناء شعبنا الفلسطيني الى " ان لا يلتفتوا الى هذه الاكاذيب " معتبرا ان " ما تقوم به الجزيرة عار غير مسبوق في تاريخ العرب .
وتعهد " بأننا سنظهر كل الوثائق واتحداهم ان ينشروا كما هي ان كانت بحوزتهم " موضحا في ذات الوقت " ان مجموعة من المحامين تدرس الان كيفية التعامل مع السرقة التي تمت لهذه الوثائق ان تمت وبعد ذلك سيتم نشرها ".
ورأى " ان هذه الالة الاعلامية ، في اشارة الى الجزيرة ، والتي تصرف مئات الملايين من الدولارات لتشويه سمعتنا .. لا اساس من الصحة للتحريفات التي تنشرها ومواقفنا ثابتة وواضحة ومحددة .
وقال " لو كانت مواقفنا كما يدعون فلماذا لم توافق اسرائيل عليها ولماذا لم نتوصل الى اتفاق معها " مشيرا في ذات الوقت الى اننا " قلنا لشعبنا اننا عندما نتوصل الى اتفاق سلام سنعرضه للاستفتاء الشعبي .
وكشف عريقات عن " ان هناك لجنة تحقيق للبحث في كيفية وصول هذه الوثائق وسرقتها كما يتردد وسيعرف الجميع ما جرى " مطالبا هؤلاء " في ان لا يستعجلوا لان الوثائق غير رسمية حيث لا يوجد في المفاوضات مع اسرائيل محاضر رسمية متفق عليها ".
وقال " ملاحظاتنا نأخذها نحن " مشيرا الى " انهم لم ينشروا موقفا تفاوضيا واحدا عنا وانما نشروا انصاف مناقشات جرت مع الاسرائيليين .. ما نقوله وما يقولونه .. وهم يحرفون يخلطون الجد بالمزاح ويخلطون الامور ويحرفون الامور على مواضعها .
ووجد عريقات " ان الجزيرة تدعو الفلسطينيين للثورة على قيادته وضد السلطة الفلسطينية لاسقاط النظام السياسي الفلسطيني " .
وحذر القيادي الفلسطيني " من ان هذه المنطقة تتجه الى اوضاع اكثر خطورة .. ليس فقط في فلسطين " مشيرا الى " ان هناك من يخطط في واشنطن وغيرها لهذه المنطقة وهذه الاداة (الجزيرة ) اصبحت تقوم بدور كبير جدا في هذا الاتجاه .
ووفق عريقات " فأنني سأعرض شعبنا وكذلك ابناء الشعب العربي خلال الايام القادمة كل ما لدي وثائق حتى اثبت هذا الكذب وهذا العار وهذا الانحياز والتدمير والتحريض الذي تقوم به الجزيرة على القيادة الفلسطينية الصامدة الصابرة المثابرة ".
وشدد على " اننا نصمد امام اسرائيل وامريكا ونتحدى ... وان كانت الجزيرة تقول ان هذا ما حدث .. فلماذا لم توقع معنا اسرائيل اتفاق ".
وبشأن امكانية التوجه للقضاء لمحاسبة الجزيرة قال عريقات " نحن ندرس كل شىء وكل الخيارات مفتوحة " مشددا على " ان الطريقة التي تعرض فيه ما اسمته الوثائق هي تحريض على القتل والاغتيال وهذه امر قد يقودنا الى التوجه الى ما هو اكثر من محكمة عادية ".
ووصف عريقات ما قامت به الجزيرة يجرى باسم بنيامين نتنياهو وليبرمان وواشنطن " بأنه تحريض حقير ويحاول المس بكل فلسطيني يصمد في المفاوضات ويصمد على حقوقه وثوابته لاننا في مرحلة صمود غير مسبوق وعلينا ان ندفع الثمن ونعاقب لهذا " .
ومن جانبه ، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان إن قيام وسائل الإعلام الإسرائيلية بالزج باسمه في ما أصبح يعرف بقضية "وثائق الجزيرة" محاولة إسرائيلية مكشوفة لشق الصف الفلسطيني، وإحداث شرخ في الضفة شبيه بالشرخ الواقع في غزة حاليا.
وكانت صحيفة "معاريف " العبرية ذكرت دحلان أو أحد رجاله هم من سربوا الوثائق التي تتعلق بالمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لقناة "الجزيرة"،وذلك من اجل المس بقيادة السلطة الفلسطينية وبالرئيس محمود عباس.
وأكد دحلان في تصريحات لصحيفة الغد الاردنية :"أن الوثائق أيا كان نوعها هي ملك الشعب الفلسطيني وليست لأفراد معينين، مشيرا إلى أنه لا يحتفظ أصلا بأي وثيقة من وثائق المفاوضات.
وكانت قناة "الجزيرة" القطرية اطلقت الأحد الماضي 23 يناير/كانون الثاني موقع "كشف المستور" على شبكة الانترنت للكشف عن وثائق سرية بشأن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، مشيرة الى انها حصلت على 1600 وثيقة في6500 صفحة.
وكشفت الوثائق عن تنازلات كبيرة قدمها المفاوض الفلسطيني لإسرائيل بشأن القدس الشرقية المحتلة وحق عودة اللاجئين .
ووفقا لما جاء في تلك الوثائق ، فإن مطالب المفاوض الفلسطيني فيما يتعلق بحق العودة وصلت إلى حدود متدنية للغاية ، حيث أظهرت وثيقة تعود إلى عام 2007 أن الجانب الفلسطيني اقترح عودة 10 آلاف لاجيء سنويا ولمدة 10 سنوات .
ورغم ما سبق ، إلا أن إسرائيل بحسب الوثيقة رفضت هذا الأمر واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت حينها عودة ألف لاجيء سنويا ولمدة 5 أعوام فقط ، إلا أنه بعد ذلك خرجت زعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني لتؤكد أنه لا أحد في إسرائيل يدعم حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ، قائلة: "عدد اللاجئين المسموح بعودتهم إلى أراضيهم داخل إسرائيل هو صفر ".
وكشفت الوثيقة أيضا أن الهدف من محاولة تقليل أعداد اللاجئين العائدين هو تجنب وجود اكتظاظ سكاني مشابه لوضع غزة .وبالإضافة إلى ما سبق ، كشفت وثيقة سرية تعود إلى 2008 أيضا أن الجانب الفلسطيني استخدم حق العودة كورقة للمساومة وليس كقضية محورية بل وأكد أيضا اقتصار أي استفتاء بشأن مصير اللاجئين على الضفة الغربية والقدس وغزة دون أخذ رأي اللاجئين في الشتات .
ورغم التنازلات السابقة إلا أنها قوبلت أيضا بالرفض من قبل تل أبيب التي سارعت لطرح "يهودية إسرائيل " للقضاء على حق العودة .