وثيقتان خطيرتان حول الخوئي والسيستاني المرجع الزاني ابو كرون
--------------------------------------------------------------------------------
وثيقتان خطيرتان حول الخوئي والسيستاني المرجع الزاني ابو كرون
كانت الاجتماعات ساخنة في لندن ، وهي تضم معممين من الهند ، وايران ، ودمشق ، ولندن زائداً ابناء المرجع القادمين من النجف ، وكانت على المسرح تلوح ثلاثة اسماء لمرشحين يتم اختيار احدهم ، وهم من المتفوقين (علمياً) بين تلاميذ السيد الخوئي (ره) ، وترك المجال الاوسع لابن المرجع في النجف (المرحوم) السيد محمد تقي الخوئي ، وهو بطل المشروع ورائده الاول.
بطبيعة الحال كان المرشح الاول السيد علي البهشتي والمعروف ببراعته (العلمية) وخلقه العالي ، ولكن عوائق سلخته من الترشيح ، وأهمها: عدم استقرار صحته ، وكبر سنه ، ثم صعوبة (استدراجه واستغلاله) من قبل الحاشية ، وطاقم المرجعية ، وهذا عامل مهم جداً لذا ألغي ترشيحه .وعقيب فترة طويلة لمع اسم الرجل الثاني في القائمة هذه، وهو : السيد محمد الروحاني (مقيم في قم ممنوع من السفر بسبب ما يقال عن علاقات وثيقة كانت له مع شاه ايران الراحل) وبدت أولاً عملية نقله من ايران الى الخارج .. وكانت عملية صعبة وتتطلب وقتاً ، ولكن الفكرة نجحت حينما تدخل ابن عمه الذي هو مقرب من القيادة الايرانية باستحصال اذن لسفره الى لندن للعلاج .. ونقلت جوازات سفره مع ذويه وأفراد أسرته ولصقائه بواسطة فرد منتدب الى دبي ، وخلال ساعة وضعت التأشيرة من القنصلية البريطانية في الجوازات بناء على تعليمات من لندن .. وللعلم (تم ذلك في ظروف لا يمكن لحامل الجواز الايراني أن يحصل على التأشيرة البريطانية للعلاج أو غيره الا بعد استجوابات وتعقيدات تمتد ربما لعدة أشهر .. فأفهم !!؟؟) هذا وسافر السيد الروحاني من طهران مع أسرته ، وبعض مرافقيه مصطحبين معهم أمتعة وحقائب ألفتت انتباه رجال الجمارك في المطار ، وحل في لندن وسط ترحيب من علمائها المحليين.لقد تم عرضه للجمهور للوهلة الاولى في احتفال كان يقام بلندن باسم ((مهرجان الغدير)) .. وكانت تقيمه مرجعية النجف لاستعراض وجودها وقوتها .. وكانت طريقة اشتراكه في المهرجان تتم بصورة فنية ومثيرة .. فيقترن دخوله بضجة وصخب وترديد الصلاة على النبي (ص) مما كان الامر يستدعي انتباه الشخصيات الشيعية التي حضرت الى المؤتمر من انحاء مختلفة من العالم والتي كانت تستقبل بشكل سليم ، وبفطرة بريئة .وشاعت الاخبار بشكل قوي بأنه سيسافر للنجف ليستقر هناك بدعوة من السيد الخوئي ، لكن أبناء السيد الخوئي كانوا يناورون ، فعندما سأل احدهم كان يجيب بأنه : استشارونا ورحبنا بالفكرة ليس الا (كان ذلك لدفع الشكوك) أما السيد الروحاني فعندما يسأل كان يستند الى رسالة في جيبه موقعة من السيد الخوئي يأمره فيها بالتوجه الى النجف لشغل مكانه في التدريس ، وامامة الجماعة ، والافتاء .. ونعبر فصلاً لنختصر التقرير فقد ختمت التأشيرات العراقية في جوازات السيد الروحاني ومن معه بموجب أمر مسبق من الخارجية العراقية ، ثم من جهة أخرى تكون فريق من الطلبة الدينيين الموجودين في قم (ايران) وبحدود ثلاثين شخصاً للنزول الى النجف بمعية السيد الروحاني ، على أن يمروا بتركيا لاستلام التأشيرات العراقية حيث أعطت التعليمات من بغداد الى السفارة العراقية بمنحهم السمة .. ثم يتوجهوا الى دمشق .. حيث يصل السيد الروحاني الى دمشق لزيارة الحوراء زينب (ع) ، ومن ثم التوجه جميعاً الى النجف عن طريق الاردن اذ لا يوجد طريق سالك من دمشق الى بغداد .أما كيفية دخولهم الى الاردن فكان ضمن الترتيبات المسبقة بين العواصم السالفة الذكر ، وهنا نؤكد بأن القيادة الاردنية كانت تتعامل باحترام كبير مع ابناء السيد الخوئي (ره) ويستقبلون دائماً في الاردن ضيوفاً على ملك الاردن (ملك الاردن الذي زار مؤسسة السيد الخوئي بلندن أكثر من مرة ؟؟!!.. الملك الذي اطلق أول قذيفة مدفع على ايران عند اندلاع الحرب .. الملك الصديق الحميم لشاه ايران الراحل .. الملك الذي تردد على العراق أكثر من عشرات المرات ابان الحرب دون أن يزور مرة واحدة السيد الخوئي، أو يعوده في مرضه حينما كان يرقد في مستشفى ابن النفيس ببغداد لكنه الان يدلل ابناء السيد الخوئي ، ويتردد على مؤسسته بلندن؟؟!! فأفهم).كان كل شيء قد ترتب ، واكتملت المراحل والتمهيدات .. لكن القدر بدد كل شيء ، كيف ولماذا ؟!.. فقد حكمت الصدفة انه وبنفس ذلك اليوم المعين لسفر السيد الروحاني من لندن الى دمشق ثم العراق ، قام الرئيس العراقي بغزوة دولة الكويت واحتلالها ، واختلط الحابل بالنابل ، وفوجيء العالم بهذا الحدث المهم .. وتأمل السيد الروحاني أياماً لتتضح له الرؤية .. لكن تفاقم الامور ، والاشارات الواردة من النجف حملته على العودة الى ايران وان الخطة فشلت .. وعاد الى ايران ، ليلاحظ رجال الامن الايرانيين بريبة ودهشة وجود التأشيرات العراقية في جوازات سفره وأسرته رغم العداء القائم بين البلدين !!وهكذا تفاقم الوضع الدولي ، واندلعت حرب الخليج ، وما لحقها من هزيمة العراق ، ثم اشتعال الانتفاضة في العراق ، وأخذت المطالب الدولية والاقليمية والمصالح الذاتية للحاشية تلح على ابناء السيد الخوئي (ره) بالاستعجال في تثبيت خليفة لمرجعية النجف .. خصوصاً والسيد الخوئي أخذ يثقل في مرضه ، حتى تتم حالة التنصيب بطريقة دراماتيكية هادئة تقبلها الشعوب الشيعية بقداسة ، ويتم تفويت الفرصة على الايرانيين من امتلاك المبادرة .وهنا جاء دور المرشح الثالث وهو السيد علي السيستاني كخليفة مفضل ، وبديل ممتاز
1 ــ كفاءته العلمية بلا شك !..2 ــ طبعه الهاديء والبارد والمائل كثيراً الى الصمت والانطواء !..3 ــ تمسكه الشديد بالبقاء في النجف بالغاً ما بلغ الامر !..4 ــ تركيبته الشخصية المماثلة للسيد الخوئي (ره) في التهرب والخوف من أي معمعة سياسية ، أو اجتماعية ، وغيرها...5 ــ صداقته الحميمة مع ابناء السيد الخوئي (ره) ، واعتماده المطلق عليها ، واستجابته القوية لمطالبهم دون أي تردد !!..6 ــ سنه المتوسط حيث هو في آواخر العقد السادس من العمر ، ويمكن ان يشغله المنصب ثلاثة عقود من الزمن .7 ــ نبذه لولاية الفقيه التي تشكل عقدة الغرب ومن يلف لفه .8 ــ عدم سخط السلطة في العراق عليه ، حيث سبق ان ظهر بعد فشل الانتفاضة على شاشة التلفاز ، وشجب الانتفاضة ، ووصفها بأنها عمل غوغائي !!..9 ــ الصداقة الحميمة بين أبناء السيد الخوئي (ره).وهناك ايجابيات وعوامل أخرى ربما غفلنا عنها ، أولم نطلع عليها .وكمرحلة أولى دفع السيد الخوئي (ره) بالسيد السيستاني لاقامة الصلاة نيابة عن السيد الخوئي (ره) ، وكذلك شغل كرسيه بالتدريس والبحث، وممارسة الافتاء مما سلط عليه الأضواء شيئاً فشيئاً !!..وهكذا توفي السيد الخوئي (ره) ، وعلى الفور اصدرت مؤسسته بلندن بياناً نعت فيه للعالم الاسلامي وفاته ، وبنفس الوقت ذكرت اسم السيد السيستاني بأنه أجاز المؤسسة باستلام الخمس الشرعي .. فكان في آن واحد بيان نعي ، وبيان تعريف بالمرجع الجديد .. ثم تلا ذلك حملة دعائية عبر الكلمات ، والخطب ، والبرقيات ، والفاكسات .. بأن السيد الراحل أوصى بأن يتولى السيد السيستاني الصلاة عليه وتجهيزه وان يواصل مهامه العلمية .. ولم يكن مصدر لهذه الادعاءات الا أولاده فقط !! ثم رافق ذلك حملة تشهير وتشكيك بالمرحوم السيد عبد الاعلى السبزواري الموجود في النجف آنذاك بأنه افتقد حواسه ، وكان ذلك لسد باب المرجعية بوجهه الى الابد !!!..ثم عزز هذا الترشيح بضجة اعلامية واسعة قامت بها مجلة النور ، ثم مجلات : المجلة ، الوسط ، الشراع ، وغيرها ... من الجرائد والنشرات وهي تلوح بصورة ملونة وجميلة للسيد الخوئي (ره) ، ويظهر فيها الى جنبه السيد السيستاني علماً بأن السيد الخوئي حرم على أي واحد التصوير معه ؟؟!!.. وترك هذا الامتياز فقط للسيد السيستاني كبطاقة دعاية ضمن حملة تنصيبية ، واستمرت المجلات المذكورة (وهي تمول بدولارات النفط الخليجي ؟؟!!) استمرت بنشر المقالات عن المرجعية والمراجع فيما تركز على السيد السيستاني بأنه الامع والمقبول ، أما مجلة النور تصدرها مؤسسة السيد الخوئي بلندن ، فقد وظفت اعدادها للدعاية للمرجع الجديد .وتبع ذلك منشورات رتبت في قم ، وتم تصميمها في العالم تحمل اسماء أكثر من خمسين (عالماً) يشهدون بصلاحيته للتقليد والمرجعية غير أنها لا تحمل أي توقيع ، وانما نضمها صهره في قم بالتنسيق مع ابناء السيد الخوئي (ره) ، ولدى الاستفسار من العديد من هؤلاء العلماء أبدوا عدم اطلاعهم بالامر اطلاقاً ، لكن الذي بدا أن صهر السيد السيستاني ، والذي يدير مرجعيته من قم (ويتمتع بصلاحيات مرجع كامل ) كان قد اجرى اتصالات هاتفية مع بعضهم لاستدراجهم ليس الا .وهكذا انتشرت الملايين من نسخ رسالته بمختلف اللغات ، وتم تعبئة المطابع في باكستان ، والهند ، والكويت ، وايران ، ولبنان لنشرها ، وتغطية كل البلدان بها ، ثم ارسلت الاف الوكالات الموقعة من المرجع الجديد الى علماء البلدان ، حيث كان ارسال قوائم بأسمائهم من قم ولندن ، ويدونها المرجع دون أي معرفة من هؤلاء .. الا انه اعتمد على تزكية صهره في قم وابناء السيد الخوئي رحمه الله .وتسارع اثرياء الخليج بالذات لتقليده خضوعاً لاعتبارات عديدة ، وفي مقدمتها التهرب من المحسوبية على ايران .ثم لا ننسى الدور الكبير الذي قامت به جهات خفية في الهند وباكستان لتسويق مرجعيته ، وقد تحدث الدكتور الريحاني في مقال نشرته جريدة كيهان العربية استناداً لمصادر اطلع عليها بأن أكثر من خمس ملايين دولار صرفت في الهند وباكستان فقط لتثبيت مرجعية النجف !!!..واخيراً أذعن العلماء المحليون في كافة البلدان لهذا الأمر الواقع الجديد ، وطمعاً منهم في السيولة النقدية الضخمة التي تدرها مرجعية النجف وقديماً قيل :اذا درت نياقك فاحتلبها فما تدري الفصيل من يكونواخيراً استقر المرجع الجديد في عش المرجعية ، وتحقق الهدف بالكامل ، ونجحت الخطة ، وهنا نؤكد بدقة وأمانة اننا نعتبر شخص السيد السيستاني (غير ضالع) في ماورد ذكره ، الا انه استدرج في الامور تدريجياً وبطريقة فنية ، ونحن لا نقصد به سوء (والعياذ بالله) ، هذا تقرير مقتضب وعاجل عن واقع الامور ، والمداخلات من وراء الكواليس ، فيا أيها المؤمنون (الواعون اليقظون ) .. هل بقي بعد هذا كله مجال للقول بأن الجمهورية الاسلامية عينت للشيعة مراجع ، وان مرجعية النجف خالية من المداخلات ؟؟.. للغرب والعم سام؟؟!! اما الادعاء القائل : ان الدولة عينتهم ، فالدولة هي تحت سلطة مرجع وبقيادة العلماء ، والساكت عن الحق شيطان اخرس .
14/3/1994
هاتف الحق لندن
نقول أن أكثر المعلومات الواردة في هذا التقرير تطابقت مع المعلومات التي بحوزتنا ، وتلك جاءت نتيجة لتحقيقنا عن انتخاب السيد السيستاني لموقع المرجعية العليا ، كما ان شخصيات بارزة في الوسط الديني رويت لن دون سابق معرفة بهذا التقرير ما يطابق المقدار المتفق عليه منها، ومن هؤلاء العلامة السيد حسن الكشميري الخطيب المعروف في اوساط المنبر الحسيني ، والشيخ رياض حبيب الناصري ، وآية الله السيد أحمد الحسني البغدادي ، ونكرر لهذه الاسباب ارتأينا ان ننشر هذا التقرير بالكامل أولا، ثم نبدي ملاحظاتنا على بعض ما ورد فيه ، والذي نعتقد :
أولاً : ان التقدير المذكور يتحدث عن اسماء لم يذكرها ، وهي اسماء تنتمي الى بلدان مختلفة ، وكانت مشتركة في اعداد طبخة مرجعية الروحاني التي يذكر تفاصيل التقرير المذكور ، ومن هذه الاسماء هو رجل اسمه جعفر الاسكوني بن ميرزا علي (الحائري) واحد رموز الشيخية ، وكان في الستينات يدرس في كلية الالهيات ثم نزع العمامة بعد ذلك ، وعين موظف بوزارة الخارجية ، ثم ارسلته الخارجية الى الكويت بمنصب القائم بالاعمال في السفارة الايرانية الشاهنشاهية ، وبعدها عين سفيراً في بغداد لمدة سنتين ، ثم نقل سفيراً لطهران بالسعودية ، وعندما انتهت فترة تعيينه طلبت السعودية من الحكومة الايرانية آنذاك تمديد بقائه سفيراً لديها لاربع سنوات أخرى ، يتحدث العربية ، ومن مواليد كربلاء ويلقب بجعفر رائد ، أخذ يكتب فيما بعد في نشرة اسمها الموجز يصدرها مركز العلاقات الايرانية ــ العربية ويطرح مرجعية السيد محمد الروحاني عبر مقالات عن الوضع الشيعي في العالم ، والاسم الثاني هو السيد رضا الساعجي من أصل ايراني كان في عام 1968 مقيماً في كربلاء ، وهو على علاقة قوية مع العائلة الشيرازية ، تحول الى بغداد ، ثم اختفى ، حتى ظهر في جدة كتاجر مجوهرات ، وهو الان مقيم في السعودية ، ويحمل الجنسية السعودية ، ويشارك في بعض الاحيان مع الوفود الرسمية السعودية الاسلامية الى بعض الدول .ومن هذه الاسماء التي كانت تجتمع في لندن ولها دور في طرح مرجعية الروحاني التي لم يذكرها التقرير المذكور هو محمد علي الشهرستاني ، ومصطفى جيتة كوكل و((لياقت علي بكيم)) ابن اخ ملا اصغر ، ومحمد الموسوي (الهندي) ، ومنذ العام 1985ــ 1986 كان هؤلاء أو بعضهم يجتمعون دورياً في لندن في فندق ((كمبرلند)) ينضم اليهم ايرانيون من المانيا وأميركا ، وينظم اليهم من السعودية عبد الله الخنيزي ، وكان يشارك في الاجتماعات د. علي رضا صاحب وزير الاقتصاد أيام وزارة هوشنك ، وأحيانا يحضر هذه الاجتماعات محمد علي الشيرازي (ابن السيد عبد الله) ، والشيخ الشاه آبادي ، وفيما كان محمد تقي الخوئي مصراً على ان يكون البديل لمرجعية ابيه هو محمد رضا الخلخالي ، فأن هؤلاء أقنعوه بخطة جلب الروحاني الذي لم يعلم بكل التفاصيل بدقة من ايران عبر لندن الى العراق ، وقد نسق الامر مع شخص اسمه لؤي كان مسؤولا للمخابرات العراقية بلندن ، فيما توسط شاه آبادي والسيد مهدي الروحاني لرفع منع سفر الروحاني من ايران لدى المسؤولين الايرانيين ، أما الشخص الذي حمل الجوازات الى السفارة البريطانية في دبي فهو السيد أحمد أخ زوجة السيد حسن الكشميري ، ولقد انزعج الروحاني الذي كان مقيماً في لندن في بيت فاضل الميلاني عندما ابلغه السيد محمد تقي الخوئي عبر الهاتف بأن مجيئه الى العراق بات أمراً مستحيلاً ، فرجع الى ايران فيما قامت السلطات الايرانية بحجز جوازات السفر لانها تحمل الفيزا العراقية ، وبعد عودة الروحاني الى ايران استقر رأيهم على رضا الخلخالي من جديدة ، الا أن هذا الاخير اعتقل ضمن (35) شخصا من الحوزة (العلمية) أثر فشل انتفاضة 1991م ، وفي ظل ضعف علاقات محمد تقي الخوئي وجماعته مع السيستاني ، بخلاف ما يفترض التقرير ولعداء تاريخي له مع جواد الكلبايكاني يحول دون احتكاكهم بمرجعية الكلبايكاني ، اضطروا ان يعودوا الى الروحاني ، الا انه طالبهم هذه المرة بتقرير للواردات المالية فيما هم يحاذرون من اعطاء أي تقرير خوفا من فاضل الميلاني العارف بكل شيء !!.. ، والذي تربطه علاقة قوية مع الروحاني بحيث ان هذا الاخير يستشيره بكل شيء ، فاضطرا الى ورقة السيستاني ، اذ لم يبق أمامهم غيره لحل المشكلة ، وعندما حسمت المرجعية للسيستاني اضطر الروحاني ان يبلغ محمد مهدي شمس الدين بأن الرسالة التي وصلته من السيستاني بالاشراف على مؤسسة الخوئي في لندن لم تكن حقيقية ، وان محمد تقي الخوئي هو الذي فبركها ، وهذا ما يفسر التصريحات التي أدلى بها شمس الدين فيما بعد ضد المؤسسة وتناقلتها الصحافة ، والتي سنأتي عليها في فصل لاحق ، ولم يحصل حسم المرجعية للسيستاني دون دور لحوزة النجف حتى قبل وفاة الخوئي حيث كان هنالك دور للسيد رضي الدين المرعشي بن السيد جعفر ، والشيخ مرتضى البروجردي ، والشيخ اسحاق الفياض .. فهؤلاء شاركوا، وغيرهم فيما بعد بالاتفاق مع محمد تقي بوضع الشروط على السيستاني من توقيع الوكالات المقترحة وغيرها !!..
ثانياً: كما ان التقرير المتقدم لم يذكر أياً من الاسماء الذين من المقرر ان يسافروا من ايران الى العراق عبر تركيا ليتحولوا الى جزء من حاشية الروحاني ، وأهم هذه الاسماء المعروفة هم : عبد الله لنكراني ، ومحمود الخليلي ، ومحمد حمامي ، واسماء اخرى بالامكان التعرف عليها في اوساط الحوزة القمية بشكل لا يدع مجالاً لأي شك في تفاصيل المعلومات الاساسية التي جاءت في التقرير باستثناء الملاحظات التي نحاول أن نوجزها نحن عبر هذه النقاط ، والا فان التفاصيل العامة لهذه الرواية يعرف بها الكثير من الرؤس الكبيرة والصغيرة في الحوزة القمية ، والحوزات الاخرى ، ولقد سألنا السيد حسن الكشميري عن صحة أن يكون أخو زوجته هو الذي نقل الجوازات الى السفارة البريطانية في دبي ، فأكد ذلك ، كما أكد كل هذه المعلومات الاخرى .
ثالثاً : جاء في التقرير ان شخصية السيستاني كانت شخصية (هادئة) ، الا ان هذا التوصيف يحتاج الى دقة اكبر ، فالذين عرفوا الرجل عن قرب وعايشوه ويقولون انه كان يفضل العزلة عن الاوساط الدينية والاجتماعية قبل تصديه للمرجعية ، فهو لم يلتق فضلاء الحوزة ، ولم يحتك بالمجتمع النجفي الا نادراً ، ولا يشترك في المناسبات الاجتماعية والدينية الا بشكل محدود ، وكان يذهب قبل بزوغ الشمس الى الكوفة للاستجمام لمدة ساعتين على شاطيء الفرات ، وعصراً يمارس رياضة المشي حول سور النجف ) بمعية ولده محمد رضا .
رابعاً أما من ناحية علميته المشهودة التي يفترضها التقرير فان الكثير من الخبراء في أوساط المؤسسة الدينية في النجف وقم لم يتفقوا مع هذا المنحى ، وقد حصل ما يشبه الانشقاق الداخلي العلمي كما بدا من منشورات الصحافة في حينها في اطار ترشيحه للمرجعية في الاوساط العلمية الدينية .هذا من ناحية .. ومن ناحية أخرى فان المعروف عن السيد الخوئي انه لم يعط في حياته اجازة اجتهاد سواء على صعيد (الملكة) أو على صعيد الاجتهاد (المطلق) لأحد باستثناء الشهيد محمد باقر الصدر (شفاهة) ، ويعود السبب في ذلك الى ما يراه البعض من انه (عقدة) لدى السيد الخوئي ، علاقته بالميرزا النائيني الذي منح بعض تلاميذه اجازات اجتهاد ، الا انه لم يمنح الخوئي الاجازة عندما اطلع على البحوث التي قدمها الاخير اليه في اطار ما يعرف بأجود التقريرات التي كتبت حول محاضرات النائيني ، فلم يقل النائيني بأجتهاد الخوئي بتقريظه ، وبخط يده ، وعبر عنه بالعالم الفاضل ، وما حصل ان الاوساط النجفية فوجئت باجازة اجتهاد على صعيد (الملكة) منحها السيد الخوئي الى السيستاني ظهرت بعد وفاته ، وليس أثناء حياته ، الامر الذي دفع بعض هذه الاوساط بالتشكيك والقول انها اجازة مزورة ، لانها لم تكن بخط يد الخوئي ، ولم تصدر في أيام حياته ، ومن الممكن تزوير ختمه ، وهؤلاء يتحدثون بأن الروحاني ، والشيخ جواد التبريزي ، والشيخ الغروي الذين تعتبرهم الاوساط العلمية أكثر كفاءة من السيستاني بوصفهم درسوا دورات كاملة بالفقه خاصة ، الا ان السيد الخوئي لم يمنحهم اجازة اجتهاد !!..ومن هنا يمكن القول ان الرسالة المرسلة من الخوئي ، والموقعة بختمه التي كان يحملها السيد الروحاني لا تعني بالضرورة اجازة اجتهاد انما هي رسالة دعوة هذا أولاً .. وثانياً : ليس من المؤكد والمعلوم ان هذه الرسالة مزورة ، او حقيقية ، وبغض النظر عن ذلك فان السيد محمد تقي الخوئي سلم رسالة الخوئي لوراثة المرجعية في بيت محمد علي الشهرستاني في لندن .
خامساً : أما فيما يتعلق باصرار السيد السيستاني بالبقاء في النجف الاشرف ، والذي لم يوضح التقرير أسبابه ، فالامر يعود ــ ولعل ذلك من الواضح ــ ان السيد السيستاني لو غادر النجف الى ايران فانه سيتحول الى واحد من مئات الاشخاص الذين يساوونه في المرتبة العلمية ، والذين هم أكبر مرتبة علمية منه في أوساط قم المقدسة من مراجع ومدرسين دينيين يحضر دروسهم الالاف من الطلبة من مختلف بلدان العالم ، لاسيما في ظل ازدهار وتنظيم الدراسة الدينية في قم بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران ، فالبقاء في النجف في مثل هكذا وضع أفضل للطامحين ، أو الذين يرون أنفسهم مؤهلين للتصدي من الخروج منها ، لأن أي مناخ ديني شيعي آخر لا يعطيهم فرصة تحقيق طموحاتهم ، وهذا ما يذكرنا بأسباب عودة الاصفهاني والنائيني الى العراق بشرط عدم التدخل في السياسة ، وأسباب هذه العودة التي تطرقنا لها في الفصل الاول من الكتاب .
سادساً : أما ما يرتبط بأن الخوئي أنابه لاقامة الصلاة نيابة عنه كبديل او كتأشير على فضله على الاخرين ، فان هذا لا يصمد في ظل حالات مشابهة حصلت في هذا المجال منها ان السيد الخوئي كان قد قدم آية الله السيد أسد الله المدني (التبريزي) لاقامة الصلاة نيابة عنه للأسباب تتعلق بعجزه في بعض الأوقات ، وانشغاله بالتدريس في أوقات أخرى .. ومنها أيضاً قول الشهيد الصدر الثاني الذي ذهب بنفسه وخاطب الخوئي قائلاً : ((أصحيح أنك أمرت السيستاني بأن يصلي الجماعة نيابة عنك ؟)) فنفى السيد الخوئي ذلك[15] .
سابعاً : وما جاء في التقرير من ان السيد السيستاني في شغل كرسي الخوئي بالتدريس ، والبحث في حياته ، فهذا ما لم يثبت من أحد من الذين سألناهم حول هذا الامر.
ثامناً : وجاء في التقرير ما معناه ان السيد الخوئي كان يحرم على أي أحد التصوير معه ، وترك هذا (الامتياز) للسيستاني كبطاقة دعاية في حملة تنصيبه ، فهذا الأمر هو الآخر لا يبدو دقيقاً ، بدليل ان الخوئي كان قد التقط صوراً عديدة مع آخرين كالسيد الحكيم والسيد الشاهرودي والسيد علي التبريزي في وفاة السيد محمد جواد الطباطبائي التبريزي ، وهذه الصور منشورة في كتاب ((مع علماء النجف الاشرف)) لمؤلفه السيد محمد الغروي ويمكن مشاهدتها في الكتاب .هذا ما يرتبط بالتقرير المتقدم ، أما ما يمكن ان يشكل اضافة عليه ناحية استهدافه في محاولة اغتيال فاشلة له من قبل السلطة ، فان البعض يرى ان هذه المحاولة انطوت على ابعاد أخرى في عقل السلطة ، ولم يكن الهدف الحقيقي من ورائها اغتياله فعلاً .نقول مع كل هذا الاحكام الذي سارت عليه الامور في المؤسسة الدينية في العراق ، ومع كل تلك الجهود التي بذلت قبل وبعد مرجعية السيستاني ([16]) ومع الاموال اللامعقولة التي استخدمت بأسمه .. الا ان الامور ــ أمور المرجعية في النجف ــ اضطرت بشكل واضح ، وتعددت أقطابها ، وحكمتها حالة من الصراعات بما لم يجعل من مرجعية السيستاني تلك (الهالة) التي حظيت بها مرجعية الخوئي .. وثانياً وهذا هو الاهم ، ان الخط التجديدي في المؤسسة الدينية في العراق (مات) مع موت الصدر الاول واستشهاده ، ولم يتصور أحد لا من قريب ولا من بعيد انه سيولد بالسرعة التي ولد فيها ، اذ ان هذه الولادة لم تكن ممكنة ولا متصورة في ظل اجواء خارجية وداخلية لا تسمح بها اطلاقاً ..