شبكة النبأ: نواب البرلمان هم الاشخاص الذين يمثلون الشعب تحت قبة البرلمان، وهم الذين يشرعون القوانين والقرارات الساندة للفقراء والضعفاء وعموم شرائح المجتمع، وهم المراقبون لأعمال السلطة التنفيذية خوفا من الزلل والتجاوز على أموال وحقوق المواطنين.
هذا هو التعريف المبسّط للنائب البرلماني، وهذه هي مسؤولية نواب البرلمان العراقي الذين وصلوا الى مقاعدهم بعد أن تحرك الشعب في 7 آذار من العام الجاري ورفعهم من قاع الأرض الى عرش الكرسي النيابي، بمعنى أن الناخب أوفى بدوره والتزاماته تجاه ممثليه، فهل أوفى المنتخَبون بالتزاماتهم السياسية والاخلاقية تجاه الناخبين؟.
واقع الحال يشير الى عكس ذلك! فالحكومة لم تتشكل على الرغم من مرور شهور متتالية على انتهاء دورة الانتخاب الاخيرة لنواب الشعب، ولازال العراق خال من حكومة جديدة، الامر الذي جعل شعبه عرضة للإرهاب والقتل والفساد المالي والاداري ونقص هائل في الخدمات، ولم يتوقف الحال عند هذا الحد!
فقد طالعتنا بعض وسائل الاعلام بتحذير وزارة التخطيط من البطالة المتزايدة في العراق على نحو مخيف، وظهر بموازاة هذا الخبر خبر آخر يقول أن رواتب ومخصصات اعضاء مجلس النواب العراقي بلغت في الشهور الخمسة الماضية (81) مليار دينار وأكثر، علما أن هذه الرواتب حصل عليها النواب مقابل جلسة واحدة لم تتجاوز (17) دقيقة، أي أنهم استلموا هذه المبالغ الطائلة من دون أن يؤدوا عملهم وواجباتهم التي تشرّع لهم استلام هذه الاموال.
المرجعية بدورها انتقدت تصاعد مخصصات ورواتب النواب العراقيين، وكان احد المراجع قبل شهور قد أكد عدم أحقية استلام هذه الرواتب من لدن النواب وألزمهم بالعمل مقابل الاجر، أو عدم استلام هذه الرواتب والمخصصات التي لم تعرف مثلها برلمانات العالم المتقدمة والنامية والمتخلفة ايضا.
في الاثناء أعلنت وزارة المالية حصول العراق على قرض قيمته (3) مليار دولار من صندوق النقد الدولي، والمعروف أن هذه الصندوق يفرض شروطا محددة على الدول التي يتم إقراضها ومنها رفع الدعم المالي عن بعض السلع التي يحتاجها غالبية الناس كالبنزين وغيره، وقد تداول الشارع نوايا الجهات الحكومية المعنية بزيادة سعر البنزين في العراق التزاما بالتعهدات التي قُطعت لصندوق النقد الدولي.
المفارقة هنا واضحة، إنها مؤلمة وقاسية في آن، النواب تتضاعف مخصصاتهم من دون عمل يقومون به، أي أنهم يحصلون على أموال طائلة بقوة القانون والشرعية الزائفة من دون مقابل، في وقت يفقد الفقراء والضعفاء من الشعب فرص العمل وتتزايد البطالة وتصبح لقمة الخبز كأمنية بعيدة المنال، ووسط هذا المشهد تستدين المالية ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لكي تكبل نفسها بقرارات تؤذي الفقراء قبل غيرهم، ومع ان الفقير في الغالب لا يملك سيارة، لكن زيادة وقود السيارات ستنعكس على اسعار عموم السلع لاسيما الغذائية والخضر بسبب زيادة اسعار النقل.
المطلوب مراجعة مخلصة لما يحدث، لابد أن يتنّبه القادة لما يدور في ساحة الاقتصاد مثلما هم مهتمون بالسياسة، فالمركب لا تقوده السياسة وحدها، هناك ملايين الافواه والبطون التي تحتاج الى الطعام، والاخير لا يأتي من دون توفير فرص العمل، وهذه لا تتحقق في الرواتب المليارية للنواب وغيرهم من قادة الدولة.
على جميع المسؤولين أن يتفهموا بعمق وضمير ما يدور في الساحة جهارا نهارا، المركب ينحدر الى الاعماق وقد يغرق ويُغرق معه الجميع، لذا مطلوب حلول سريعة بل فورية ولكن ليست عشوائية بل مخطط لها، انقذوا الفقراء من فقرهم وجوعهم الذي نشاهده يوميا في تقاطع الطرقات والشوارع والساحات العامة، بل امتد الامر ليصل الى ابواب البيوت، نعم عدد ملحوظ من المحتاجين باتوا يطرقون الابواب على اهلها ليحصلوا على ما يسد رمقهم. فهل يقدّر قادة البلد هذا الحال وهل هناك من معالجات تلوح في الافق القريب؟ هذا ما نتمناه جميعا، وهذا ما ينبغي أن نعمل لتحقيقه جميعا.