وانطوى المصطفى وحيداً , فقد قصر عنه الخلان والندماء
وهو نجم , ما أنجبت مثله الأرض , ولا آدم ولا حواء
وتسامت به الخلافة لله . فهانت في عزمه الأقوياء
الثرى كله له. والمحيطات به والرياح والأجواء
وبنو آدم بنوه سواء فيهم الأولياء والأعداء
نبضت في طموحه قوة الله , فخف الثرى وهان الفضاء
وتدانى البعيد , وانفرج الهم , وذلت عقابه الكأداء
وانبرى ضارعاً إلى الله يرجو أن يتم المنى به والرجاء
عاكفاً في حراء , لا العيش يصيبه ولا صحبه ولا العشراء
ملأ الله قلبه , فالورى لغوٌ سراب , والعالمون هباء
فإذا جبرائيل يبدو كما تبدو الأماني , ويستجاب الدعاء
حاملاً ما تنوء عن حمله شمس الضحى والكواكب الزهراء
كلمات الإله ... فيها من الله بقاء وقوة ومضاء
وبآياتها النظام الذي قامت به الأرض واستنارت ذكاء
وبها روح الخلق يصنع فيها كل مجد , ويخلق العظماء
تلمس القبر لمسة فإذا الميت حي تصبو له الأحياء
هي بعث الأرواح من قبل يوم البعث وهي الحياة والأحياء
لو وعاها حراء لاندك أو ذاب وذابت من حوله الصحراء
ليس إلا فؤاد أحمد يؤويها , وإلا الملائك الأصفياء
غطه جبرائيل فارتاع لما ظن أن الذي به إغماء
إنها صدمة يربي بها قلب نبي ومحنة وابتلاء
شرف لا تناله لذة عميا, ولا راحة ولانعماء
ليست الملك تستعار الأكاذيب له والطبول والأسماء
ليست العرس تستجاد الأزاهير له والشموع والندماء
إنها محنة الورى وقضايا الكون والمعضلات والأعباء
حملتها ضلوع جبريل ساعات فناءت ومسها الإعياء
واحتواها قلب النبي, فما ضج ولا نال من قواه العناء