فلسطين اليوم - وكالات
فوجئ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالموقف المصري عندما ختم لقاءه البارد سياسيا مع الجنرال عبد الفتاح السيسي بعبارة خارج السياق قائلا فيها: الوزير جون كيري يهديكم التحية وقد طلب مني إيصال هذه التحية لكم.
حسابات عباس وفقا لصحيفة "القدس العربي" خالفت إتجاه المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر فالسيسي لم يرد على التحية بمثلها ولم يعلق أصلا على ناقلها وإكتفى بإبتسامة في الوقت الذي كان يستعد فيه وفي اليوم التالي لإستقبال نظيره وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجر في زيارة ‘إستراتيجية’ للغاية مدعومة عن بعد بمظلة سعودية وإماراتية كما أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة لـ’القدس العربي’.
عباس كان قد تمسك بموقفه من التحية المنقولة بلسانه عن الوزير كيري أملا في أن يلتقط المصريون الإشارة ويفوضوا القيادة الفلسطينية يترطيب الأجواء. لكن في أوساط الحكم والقرار بالقاهرة لا يوجد إهتمام حقيقي في تلقي رسائل عبر أي وسيط من وزير الخارجية الأمريكي لان وزير الخارجية نبيل فهمي كان يعني ما يقوله عندما تحدث عن ‘بدائل’ للمساعدات العسكرية الأمريكية إذا أصرت واشنطن على حجبها.
عباس وبعد زيارته الأخيرة المثيرة للقاهرة إستقبل بعض الأنصار والمريدين في عمان وأطلق تقديرين تحدث في الأول عن الولايات المتحدة التي تترك ‘المنطقة’ وحلفاءها لسبب غامض.
وفي الثانية عن قفزة مريبة في الإتصالات المصرية الروسية بدأت تصل لمناطق حساسة أبرزها تلك المتعلقة بالبعد العسكري حيث أن وزير الدفاع الروسي لم يقم بزيارات رسمية مماثلة لدول في المنطقة منذ أكثر من 40 عاما.
الإنفتاح المصري الروسي كان محصلة لجهد مباشر من مربع القرار الأمني السعودي الذي يقوده الأمير بندر بن سلطان ولدعم خلفي من دولة الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى حليفة من بينها الأردن في إطار مشروع وراء الكواليس يحاول دعم الجنرال السيسي وعمليته السياسية المرتقبة مع الحفاظ على جماعة الأخوان المسلمين خارج سياق التأثير في الإيقاع المصري.
هذا الترتيب نجح وبصورة نادرة في إجتماعات ’2+2′ في القاهرة حيث حضر وزيرا الدفاع والخارجية في موسكو لإطلاق حلقة تعاون إستراتيجي متكاملة في المجالين العسكري والسياسي بدأ المصريون- بعد الإنقلاب- يراهنون عليها في تعويض الفاقد من النفوذ الأمريكي في المعادلة المصرية.
هذا الإتجاه حاول الرئيس عباس إختراقه بالمجاملة التي نقلها للسيسي عن الوزير كيري حيث قابل عباس كيري في عمان لمدة ساعة في إطار متابعة لقاء آخر بينهما في رام ألله قبل مغادرة عباس للقاهرة بعد وصول ‘ضوء أخضر’ له يبلغه بأن السيسي سيستقبله هذه المرة.
أجندة اللقاء المصري- الفلسطيني حددها مدير المخابرات المصرية بعناية في لقاء تمهيدي رسم أجندة قمة عباس- السيسي حيث كان مكتب الأخير على إتصال تشاوري مكثف مع شخصيات فلسطينية أخرى أهمها القيادي الفتحاوي البارز محمد دحلان الشريك الأساسي للمصريين في إستراتيجية تقليم أظافر الأخوان المسلمين في المنطقة.
قبل لقاء عباس- السيسي قيل للرئيس الفلسطيني بوضوح بأن ملف ‘المصالحة’ بين حركتي فتح وحماس لن يطرح على طاولة السيسي لأن حركة حماس متهمة بإثارة قلاقل ودعم وتمويل إرهاب في أرض مصرية والظروف لا تسمح بنقاشات لها علاقة بالمصالحة بين الحركتين لان السلطات المصرية بصدد تحويل كوادر في حماس للقضاء والكشف عن التفاصيل.
قيل لعباس أيضا بأن أولوية السيسي الآن إذا رغبت السلطة هي للمصالحة داخل حركة فتح وإقترح مدير المخابرات المصري على عباس التركيز على أن حركة فتح ينبغي أن تتجه مستقبلا للمصالحة مع حماس وهي موحدة من الداخل وليست في ظل وضع الإنقسام الحالي.
الإشارة كانت واضحة هنا تماما وتشير للخلاف والمصالحة المتأجلة بين الرئيس عباس وتيار القيادي محمد دحلان المقرب جدا من القاهرة والذي تردد أنه قابل السيسي مباشرة بعد مغادرة خصمه عباس للقاهرة.
بنفس الوقت أبلغ عباس بأن المباحثات المتعلقة بالمفاوضات والعملية السياسية وأحوال المنطقة السياسية ينبغي أن تناقش مع وزير الخارجية نبيل فهمي وليس مع الجنرال السيسي وطاقمه كما تلقى الرجل تلميحا بأن أي وساطة للانفتاح بين السيسي والرئيس السوري بشار الأسد ستخصص لموسكو وليس لأي طرف آخر.
عمليا تم خلع اي دسم أو قيمة سياسية مسبقا من زيارة عباس الأخيرة لمصر والرئيس الفلسطيني خرج خالي الوفاض تقريبا لان الزيارة كانت من حيث المبدأ بروتوكولية وإعلامية ليس أكثر ولان جهة فلسطينية تتمتع بدعم دولة عربية تدعم الانقلاب العسكري، نصحت عمليا مكتب السيسي بتجاهل رغبة عباس في إستئناف الإتصالات عبر مصر تحت عنوان المصالحة مع حماس وهو ما كان عمليا.