وكالة يمان للاخبار
يمان - كتابات :
صباح بضفائر بنات المظفر ،،جمال أنعم
..................................................
كل ثورة تتقدمها الشهيدات , منتصرة لا محالة , وفادياتنا حفيدات الشهيدة
الأم سمية أولى الثائرات , أم عمار زوج ياسر , الشهيد الكبير الشاهد على
كبرياء روح اليمن منذ البواكير ,هي أسرتنا الرائدة , في درب الفداء , ونحن
بنوها الأوفياء .
أي إمرأةٍ أنتِ أيتها الحبيبة , أتشبث بإهابك كلما أرتجف القلب , ...و سرت
فيه رعدة جبن , أرنو إلى هامتكِ العالية ,فتنبت لي أجنحة تطير بي نحو
السماوات .
كيف نسام أو نوسم بالخوف والخور وأمنا سمية ؟ معلمتنا معنى السمو والإرتفاع
, ما زلتِ واقفة ملء القلب والدرب , تضيئين الطريق إلى العظمة , لا أقرب
منكِ إلي ولا أحب من أبائي جوارك رفقة الألم والإصطبار ,الأباء المؤسسين,
فرسان المستهل , جسر العبور الأول , حملة النور , وروافع البناء , ندين لهم
بنعمة الأبد , ونوالي شكرهم بغير إنقطاع , نحن نحيا في قلب السر الكبير
الذي حموه وأفتدوه , نحيا في المعنى الكريم الذي ضحوا من أجله .
هو ذا الحبيب المصطفى يلتحف بردته وأشجان الغربة, هو ذا في ظل الكعبة , يستصرخه خباب , لكن عن أي عذاب يحكي خباب ؟
ما كان جواب المختار , إلا قطعاً بالمنشار , كانت لحظة فاصلة , وكان
المنشار إجابة قاطعة , تفصل بين زمنين , تفصل بين الشك واليقين , بين
العتمة والنور , بين خيارين , بين أن تكون أولا تكون , بين أن تتحمل كلفة
الحرية كاملة , أو تبقى أسير عبوديتك , لاح الوصف الصادم لمثال التضحية
المستحقة جزءاً من الدرس , قطعاً للضعف والوهن , إعلاءً من شأن الروح
وتهويناً من جراحات البدن , درس النبوة من قديم , خوض الإمتحان حتى منتهاه ,
الإنقذاف في قلب النار , على برد راسخٍ من يقين النجاة .
كانوا قلة من مهمشي مكة مدينة السطوة والجبروت , أراد بهم الله كسر النسق
المهيمن في تصور القوة والمنعة ونسف كل المواضعات القديمة المحددة للكينونة
والمكانة , خباب , صهيب الرومي , بلال , ياسر القادم من اليمن وزوجه سمية
إمرأة من موالي بني مخزوم , وعمار الإبن , هؤلاء البسطاء الأحرار الخارجون
للتو من بيئة القهر والإستلاب , حديثي إيمان , عراة , لا قبيلة تحامي عنهم ,
ولا أسباب تدفع عنهم البطش والتنكيل .
كان المسلم يعلن عن نفسه , إنساناً جديداً طالعاً من خارج السياقات السائدة
, إنسان القيمة , المؤمن المتعالي , الحر المتأبي على الخضوع للأصنام
والأوهام والإستسلام لغير الله , بدت مواجهة غير متكافئة هم فيها الحلقة
الأضعف .
أستعيد صورة هؤلاء في وجه العالم كله لا قريش وحدها , موقف يبعث على الرهبة
, يبدو جنونياً غير قابل للتصديق , ثورة مستحيلة ضد مواريث جاهلية حاكمة
شديدة الصرامة والبأس , ثورة ضد سلطة صنمية مركبة , ومن مجموعة خرجت فجأة
من الهامش غير المنظور , ومن أقصى الفكر والتصور , متحدية , معلنة إيمانها
بالله , كافرة بكل ما يعبد من دونه , مغيرة معادلات القوة , فارضة معايير
إعتقادية وقيمية وأخلاقية جديدة , تتحدد على أساسها الهوية ويتأكد الوجود .
ولتكون هذه العصبة هي النواة الصلبة , كان لا بد من أن يخوضوا تجربة
الإنصهار الأولى حتى النخاع , كان لا بد أن يجتازوا الرهان , وأن يعلنوا عن
حريتهم بالإستعداد المطلق لدفع ثمن إختيارهم مهما بدا باهظاً وموجعاً
ومكلفاً .
إستنجاد خباب لحظة تعب وضعف إنسانية , وبالنظر لحداثة التجربة يبدو الإشفاق
متطلباً بإلحاح لكنها اللحظة الفارقة , والتي يمتد فيها النظر والشعور
النبوي صوب البعيد , هنا تسلك النبوة منهاجها في التربية , هنا " المحبة
العظمى تتعالى على إشفاقها " بحسب الفيلسوف" نتشيه " , لا هدهدة ولا تربيت ,
الإشفاق قد يكون محض إهانة , قتلاً حانياً للروح ,نشفق على أنفسنا فنقطعها
عن معالي الأمور , نشفق على أطفالنا , نخاف عليهم أن يكابدوا أو يعانوا أو
يواجهوا ما يشق عليهم فنورثهم الخوف , ونسلمهم إلى حياة الرخاوة والتكسر
ونتسبب لهم بإعاقات نفسية ملازمة , حمل بلال صخرته ببسالة ,حتى تكسرت على
رأس السادة المعذبين , وعلى تلك الصدور العارية إنهارت قريش بكل صلفها
وغرورها وخيلائها , تهاوت كل الأصنام , سقطت الخرافة الزائفة .
كانت البداية نضالاً سلمياً , إعتمد القوى اللينة سلاحاً في المواجهة ,
الإيمان , الثقة , الصبر , التضحية , والجسارة , نبالة الغاية , عدالة
القضية , كل ذلك تحول إلى طاقة جبارة هزمت قريش بكل جبروتها وطغيانها , وفي
صدارة هذا المشهد الفدائي المهيب كانت سمية سيدة الأحرار , قامة فارعة ,
شهاباً صاعداً نحو السماء , تتقزم دونها سادات الكفر ويتلوى تحت قدميها
كبرياء قريش الجريح , لتجيء الطعنة بقدر الشعور بالإهانة والإنجراح .
شهيدات تعز الغالية عزيزة , زينب , تفاحة , ياسمين , والأخريات الباسلات ,
هو ذا الصنم المحروق يهوي تحت أقدامكن العالية , هو ذا يسقط مهاناً ممرغاً
بالعار , تلعنه الأرض وتمقته السماء .
شموسنا أنتن, و كل النساء , وكل الرجال , وكل السعيدة .
هو ذا صباحنا الضافر يلوح بضفائر بنات المظفر .
yemen#