قال إن القضية الجنوبية عادلة ويجب أن تكون على رأس قائمة القضايا المطلوب حلها بعد الثورة النائب علي عشال: تحركات صالح الحالية هي رقصة الموت الأخيرةالمصدر أونلاين - خاص
في هذا الحوار مع أعضاء منتدى المجلس اليمني، تحدث النائب علي عشال عن
الثورة الشعبية السلمية وأبعاد الحدث على المستوى الإقليمي والدولي وعن ما
بعد الثورة وتحديداً فيما يتعلق بالقضية الجنوبية.. المصدر أونلاين أعد
الحوار للنشر وفي ما يلي مقتطفات منه:
* ما موقفك من القضية الجنوبية
والحراك الجنوبي، وهل تشغلك هذه القضية أم ترى أن من الأولوية القضية
اليمنية عامة وما هي الحلول بوجهة نظرك للقضية الجنوبية. - القضية الجنوبية عادلة وهي سياسية بامتياز لا ينكرها إلا جاحد ولا يتجاهلها إلا مكابر، لكن يبدو أنها وقعت في أيدي محامين فاشلين.
أما الحراك الجنوبي فقد بدأ كحالة رفض شعبية عفوية أنتجها الشعور
بالمظلومية الحقوقية والسياسية التي وقعت على أبناء المحافظات الجنوبية,
ولكن سرعان ما ركبت أطراف عديدة موجة هذا الحراك مما أدى إلى تعدد الكيانات
والقيادات واختراق أطراف في السلطة لبعض مكونات الحراك، وعدم وجود مشروع
سياسي واضح يقدمه الحراك، إضافة إلى إشاعة ثقافة الكراهية في بعض الشعارات
التي رفعت.
ولا يمكن النظر للقضية الجنوبية وبمعزل عن الهم اليمني العام، والحل من
وجهة نظري لا يمكن إلا من خلال تسوية تاريخية تعيد الاعتبار للشراكة
السياسية في السلطة والثروة وتقضي على سلطة الفرد وتبني دولة المؤسسات في
إطار الدولة اللامركزية.
* ما موقف بقية النواب الجنوبيين في مجلس النواب من القضية الجنوبية؟ - موقف معظم نواب المحافظات الجنوبية سلبي وحتى عندما طرحنا فكرة أن نعقد
لقاء لنواب المحافظات الجنوبية لمناقشة الوضع في هذه المحافظات عام 2008
رفض بعضهم الفكرة خشية أن تفسره السلطة أنه لقاء مناطقي خصوصاً ومعظمهم من
الحزب الحاكم.
* هل تتوقع أن يتخلى الرئيس صالح عن السلطة سلميا؟ - أتوقع أن يترك صالح السلطة بشكل سلمي لأنه الخاسر الأكبر إذا أراد تفجير
الأوضاع، خصوصاً وهو يواجه ثورة سلمية لم يستطع أن يجرها إلى مربع العنف،
ولأنه يواجه حالة انقسام في صفوف الجيش بسبب انضمام قيادات مهمة فيه إلى
مطالب الثورة.
* هل من الممكن أن تدخل البلاد في أزمة اقتصادية بسبب الحراك الموجود هذه الأيام؟ - الأزمة الاقتصادية متفاقمة من قبل الحراك الأخير, غير أن الأوضاع تزداد
تدهوراً الآن بسبب صرف عشرات المليارات لكسب الولاءات والصرف على الحشود
التي يجمعها الرئيس لتأييده, فكل المقربين من الرئيس سلمت لهم موازنات ضخمة
ينفقونها في محاولة للتصدي للثورة الشعبية.
* إذا رحل الرئيس هل من المتوقع أن يكون هناك إجماع على مجلس قيادة موحد؟ وهل سيكون مدنياً أو عسكرياً؟ - أعتقد أن اليمنيين سيكونون أقدر على خلق حالة من التوافق على أي صيغة من
صيغ انتقال السلطة سواء مجلس قيادة أو غيره, ولا شك عندي أن هذا المجلس
سيكون مدنياً وليس عسكرياً.
* عرف عن الرئيس أنه يتنكر للوعود
والالتزامات، فلماذا تدخل بعض القيادات في المشترك مع الرئيس في حوارات
ومبادرات تؤجل مشاريع الشباب وتحبطهم بعد ذلك لأن النتيجة تخيب الآمال..
أما آن الأوان لسد باب هذه المبادرات؟ -أعتقد أن قيادات المشترك تتبنى مطالب الشباب في مواقفها المعلنة
والتفاوضية ولا تساوم على أهداف ثورتهم, بالتالي لا أرى مبرراً للخوف من
تأثير أي تفاوض سلباً على تأخير مشاريع الشباب أو إحباطهم, كما أن اللقاءات
الأخيرة تمت بحضور أطراف خارجية، وانقلاب الرئيس على مبادرته التي طرحها
أظهر لهذه الأطراف مقدار الكذب والزيف الذي يمارسه, وأنا لست مع سد الأبواب
ولكن ينبغي الثبات على الموقف وعدم تقديم أي تنازلات.
* يبدو أن الرئيس ما زال يحظى
برضا من الجانب الأمريكي وهذا يعقد المسألة وربما يستغل الرئيس هذا القبول
الأمريكي أو على الأقل السكوت عنه ليتحول إلى "قذافي آخر" فماذا فعلتم
لإزالة الغطاء الأمريكي هذا وإقناعهم بأن وجود صالح هو الذي يهدد أمنهم؟ -لا ينبغي التعويل على مواقف الولايات المتحدة في تغيير المشهد السياسي في
اليمن, فأمريكا تتعامل مع الحقائق الموجودة في الميدان، وطالما ميادين
الحرية والتغيير توصل صوتها الهادر ستضطر أمريكا إلى إعادة النظر في
علاقتها مع صالح ونظامه، وهذا الأمر أعتقد أنه قد بدأ بالفعل.
* ما هي الطرق التي يمكن استخدامها من وجهة نظركم في حال رفض الصالح الخروج بالطريقة السلمية؟ - إلى الآن لم نستنفد أدوات العمل السياسي ويجب أن تتصاعد التحركات حتى
تصل إلى العصيان المدني وهذا بدوره سيؤدي لخلق حالة من الضغط على النظام
وسيدفع من تبقى منع النظام في المؤسسة العسكرية للانضمام للثورة. ينبغي ألا
تنجر الثورة إلى مربع العنف مهما كانت المكابرة من قبل النظام. الانجرار
لمربع العنف سيقضي على الثورة لأنه سيجرك إلى مربع هو الأقدر على التعامل
معه بأدوات العنف التي عنده فليس أمامنا إلا النضال السلمي والمسألة هي
القدرة على الصبر والمصابرة.
* ما هو مقدار نفس المعارضة والشباب في الشارع لمواصلة اعتصامهم، علما أن الرئيس يراهن على عامل الوقت؟ - ما لمسته في زياراتي إلى ميادين الاعتصام في أكثر من محافظة أن هناك
نفسا طويلا وإيمانا عميقا بقضيتهم وأنهم عقدوا العزم على المضي قدما حتى
رحيل النظام.
* لماذا لا يلتحق أعضاء المعارضة مع الشباب في الساحة على مدار الاعتصامات وليس فقط لإلقاء خطابات أو لساعات؟ - ما أعتقده أن كثيراً من مكونات الثورة هم من شباب المعارضة.
* ما رأيكم بفكرة الزحف نحو القصور التابعة للنظام، أو محاولة الاستيلاء على مقرات الحزب الحاكم وبعض المؤسسات؟ - لا أنصح بالاعتداء على مقرات الحزب الحاكم.
* لماذا لا تستخدم المعارضة أوراقها الخارجية بمعنى التواصل مع الأطراف الخارجية للضغط على الرئيس الفاقد الشرعية؟ - هناك عمل قائم وتواصل بين المعارضة والخارج.
* ما رأيك بفصل الدين عن الدولة وتكوين مجلس دستوري أعلى مستقل يرجع له الحاكم والمحكوم؟ - لست مع فصل الدين عن الدولة. الدولة تتكون من ثلاثة عناصر : شعب وأرض
وسلطة. وطالما أن الشعب من مكونات الدولة فلا يمكن الفصل بين الدين والدولة
لأن المكون الفكري للشعوب هو الدين، وأعتقد أن الدولة في الإسلام هي دولة
مدنية بمعنى أنها قائمة على حقوق وواجبات المواطنة. وأنصح بالرجوع إلى
كتابات د. محمد سليم العوّا وأنا من المعجبين بأطروحاته حول الدين والدولة.
* هل هناك تواصل بينكم وبين بقية
النواب الجنوبيين وخاصة ممثلينا أمثال الشيخ عوض بن محمد والشيخ صالح
فريد.. وهل هناك أمل في اتخاذ مواقف من قِبلهم؟ - نعم يوجد تواصل معهم، بل وتجمعنا معهم علاقات مميزة. أما مواقفهم فيمكن أن يسألوا عنها هم.
* هل مطالب الجنوبيين وإثارتهم للقضية الجنوبية هذه الأيام مهم أو العكس؟ - لا أرى من الحكمة واليمن تعيش هذا المخاض ومقبلة على أحداث تغيير سيعيد
ترتيب قواعد اللعبة السياسية في اليمن الحديث عن حل القضية الجنوبية.
والقضية الجنوبية ستحتل موقع الصدارة في المرحلة القادمة بعد سقوط النظام.
* النظام مستمر في طبع العملة ليل
نهار، ما قد ينذر بمجاعة، ونخاف أنه قد قام باستنزاف احتياطيات البنك
المركزي في الخارج التي تقدر بخمسة مليارات دولار أمريكي.. ما الحل لإيقاف
هذا الخطر؟ - الحل يكون بفضح ما يقدم عليه النظام من سياسات في الجانب الاقتصادي
والمالي من قبل مختصين يعقدون ندوات ويتحدثون إلى وسائل الإعلام المؤثرة،
وتصعيد العمل السلمي للتعجيل برحيل النظام ومخاطبة المجتمع الدولي بعدم
التعاون مع النظام ومده بالمساعدات لأنه نظام سفيه والسفيه هو الذي لا يحسن
التصرف في ماله.
* هل ستنجح الثورة الشبابية؟ وما
مقياس نجاحها.. هل برحيل الرئيس أم الأسرة أم النظام أم باتفاق ما لا يعني
إسقاط النظام وإنما يعني وجوه؟ - بإذن الله ستنجح ومقياس نجاحها ليس برحيل النظام ولكن بالوصول بالبلد إلى شاطئ الأمان.
* كم نحتاج من الوقت لنجاح هذه الثورة وهل فعلاً أن إطالتها في صالحها أم من صالح النظام؟ - مسألة نزع الملك أمر بيد الله لا نستطيع تحديده، فهو تعالى وحده الذي يأذن به وعلينا نحن بذل غاية الجهد.
* وإذا فشلت الثورة (وهذا ما لا نرجوه) ما هو تصورك لوضع اليمن والنظام بعدها؟ - الكلفة التي سيدفعها اليمنيون باستمرار هذا النظام كلفه باهظة.
* ما هو تصورك لحل عادل للقضية الجنوبية بشكل واضح؟ - الحل في تقديري يتلخص في: الاعتراف بها أولاً. وحلها في إطار اليمن
الكبير في إطار الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة، لأن الجنوب أرضٌ وثروة
وسيادة وليس مجرد حفنة من السكان, وهو طرف أصيل في معادلة الوحدة. وقيام
دولة المؤسسات التي يتضاءل دور الفرد فيها وتكون قائمة على سيادة النظام
والقانون. إضافة إلى لا مركزية الدولة.
* هل يوجد فعلاً عناصر تابعة لتنظيم القاعدة في محافظة أبين كونك عضو مجلس نواب وعلى اطلاع بما يدور في المحافظة؟ - توجد عناصر معروفة تدعي أنها تنتمي إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
* النظام منذُ مدة طويلة جداً
يحاول إلصاق تهمة القاعد بمحافظة أبين تحديداً سواء كان إعلامياً أو حتى
سيتبز دول الغرب، ما هو دور رجال القبائل وشخصياتها الاجتماعية ورجال
الإعلام لتكذيب ما يقوله نظام صالح وإظهار محافظة أبين على حقيقتها وليس
كما يبينه نظام صالح أين دور كل من ذكرتهم وأنت وباقي النواب؟ - خلال الفترة الماضية تنادت عدد من الشخصيات الاجتماعية في محافظة أبين
لبيان موقفها من بعض المجموعات والعناصر التي تحاول أن تسيء إلى أبناء
المحافظة، وكان لموقفها أثر طيب في الحد من الإساءة للمحافظة. ولكن يبدو أن
النظام متبن لزعزعة السكينة العامة والاستقرار في المحافظة من خلال دعمه
لتلك العناصر.
* لم نرَ صدى كبيرا وواسعا لمجزرة
مصنع 7 أكتوبر سواء من حيث الاهتمام الإعلامي أو على الصعيد السياسي،
والكل تعامل مع الحادث كحادثه فورية وقتل فيها أشخاص كثيرون، لكن لم نسمع
أصواتاً تطالب بإجراء تحقيق في الحادث ولم نرَ استنكاراً بشكل واسع مثلما
حصل في مجرزة الجمعة في صنعاء حيث شاهدنا استقالات وانشقاقات وما إليه. - أتفق معك أن التغطية الإعلامية لا تتناسب مع الحدث، والاستغراب ليس من
الإعلام الحكومي، لكن في ضعف تغطية الإعلام المستقل، ولعل ذلك يعود إلى
تسارع الأحداث ومستجداتها.
* ما موقع شباب المحافظات
الجنوبية اليوم، وأنتم تعلمون جيداً أنهم أول من بدأ الثورة وقدم أكثر من
300 شهيد وأكثر من عشرين سنة من التهميش والتجهيل المتعمد والفقر والبطالة
حتى وجد لدينا جيل مفرغ تعليمياً بشكل كبير. هل هناك ما يطمئن شباب هذه
المحافظات الذين وقفوا مع التغيير. - لاشك أن شباب المحافظات الجنوبية هم أول من كسر حاجز الخوف وخرجوا إلى
الشوارع بفعالياتهم السلمية وهذا ما سمعت الإشادة به في أكثر من ميدان من
ميادين التغيير. أما موقعهم فهو مرهون بمقدار النجاحات التي ستحقق في
المرحلة المقبلة التي بإذن الله تحمل بشائر الحل لكل المشكلات التي طرحوها
في نضالهم في الفترة الماضية.
* سمعت أن هناك رؤية للقاء
المشترك بعد سقوط النظام، أين موقع الجنوب منها، وهل ما ذكره ياسين سعيد
نعمان عن مشروع الدولة الاتحادية هو ضمن هذه الرؤية؟ - ما طرحه الدكتور ياسين وطرحته الرؤية التي قدمها مؤتمر الحوار الوطني
لاشك أنها وضعت الدولة الاتحادية كأحد الخيارات التي يمكن الأخذ بها.
* نريد موقفاً منكم تجاه ما يحصل
في الجنوب وبالتحديد في أبين التي تستهدف برجالها وخيراتها وتاريخها من قبل
النظام الفاسد، هل لكم موقف أنتم نواب أبين الكرام تجاه وضع هذه المحافظة
العزيزة؟ - للأسف الشديد أن رجالات أبين وشخصياتها لم يستطيعوا أن يكونوا على مستوى
التحدي الذي تواجهه هذه المحافظة فالطابع العام لعملهم فردي والتنازع
موجود بينهم على موقع الصدارة والبحث عن أدوار. وهذا ما فوّت على المحافظة
فرصاً كثيرة في أن يكون صوتها مسموعاً وجعل من أبنائها أدوات لضرب بعضهم
بعضاً.
* هل ستكون للقيادة التي تحسب على
الرئيس السابق علي ناصر محمد من سفراء وقادة جيش ووزراء بصمة في تشكيل
حكومة الثورة في المستقبل أم إن السيل سوف يجرفهم بما معهم؟ - كل أبناء اليمن بإذن الله سيجدون أنفسهم في المرحلة المقبلة فهي لن تستثني أحداً.
* الحوثي مسيطر سيطرة تامة على صعدة والجوف وأجزاء من حرف سفيان وعمران.. كيف ستكون حساباته بعد نجاح الثورة؟ - أرجو أن تشهد المرحلة المقبلة إعلان الحوثي عن نفسه كفصيل سياسي، وأن
ينأى بنفسه عن مشروع الأمر الواقع وأن يحتكم إلى الدستور والقوانين في ما
ينتهج من سلوك.
* كنا نلاحظ أن علي صالح بدأ
يتقهقر ويقدم مبادرات ولو كاذبة، ولكنه اليوم تراجع وبدأنا نحس من خطاباته
أن ثمة قوى داخلية أو خارجية تقوم بدعمه، ممكن توضحوا لنا ما هي هذه القوى؟ - لاشك أن علي صالح عندما شعر بخطورة ما يجري، وأن الثورة كل يوم تأخذ
زخماً جديداً بدأ يحرك القوى الداخلية ومراكز النفوذ المستفيدة طوال فترة
حكمه. وهو طوال هذه الفترة قد بنى شبكة لا يستهان بها من القوى الاجتماعية
والتقليدية التي ربطها بمصالح من نوع ما مع نظامه، وبالتالي بدأ في خطاباته
الأخيرة يقول إنه ليس الوحيد المستهدف بل هناك حملة لاجتثاث كل القوى التي
عملت معه ومنها المؤتمر الشعبي، وذلك ليخلق من هذه القوى جبهة اصطفاف ضد
الثورة. وهو نجح لحد ما في تحريك هذه القوى إلا أنها لم تصمد أمام هذا
السواد الأعظم من الشعب التواق إلى التغيير.
أما بالنسبة للورقة الخارجية فهي بدأت تخذله كلما تعاظم جهد الثورة، وبدأت
هذه الدول تشعر أنه لا يمكن أن تربط سياستها بفرد وبدؤوا في مواقفهم
الأخيرة يتحدثون عن ضرورة إجراء ترتيبات عاجلة لانتقال السلطة دونما إبطاء
أو تأخير، والخلاصة أن هذه الحركة التي يقوم بها النظام لحشد التأييد ليست
سوى رقصة الموت الأخيرة.
* نلحظ انضمام بعض رموز الفساد إلى الثورة كيف سيتم التعامل معهم؟ - الثورة في مرحلة استقطاب لإيجاد التفاف شعبي حولها، وليس من الحكمة أن
تقوم الآن بعملية فرز من تريد ومن لا تريد. أما مرحلة البناء التي تلي
الثورة فلاشك أنها بحاجة إلى عناصر كفؤة ونزيهة لإحداث عملية التغيير.
* بماذا تنصح الشباب المعتصمين في ساحات التغيير؟ - توحيد الصفوف لأن المراهنة اليوم على إحداث اختراق في صفوفهم. كما أنصحهم بتوطين أنفسهم على الصبر وألا يدب إليهم اليأس والملل.
* سمعت في قناة العربية أنك قلت إن الرئيس هو من رتب لجريمة أبين، فهل لديكم دليل على ذلك ولماذا لا تبرزونه للرأي العام؟ - لم أتحدث إلى قناة العربية بهذا الخصوص بتاتاً، وإنما إلى مواقع إخبارية
أخرى صرحت بأن المسؤول الأول عن الجريمة التي وقعت في جعار هي السلطة من
خلال تسليم هذه المنشأة وانسحاب قوات الأمن منها، وهذا الانسحاب تم
بالتواطؤ مع العناصر التي اقتحمت مصنع الذخيرة قبل الحادث بيوم.
* هل هناك توجيهات مباشرة من قيادات حزب الإصلاح لأنصاره من أجل السيطرة على ساحات التغيير؟ - شباب الإصلاح هم جزء من مكونات ساحات التغيير، ولا أعتقد أنهم يسعون
للسيطرة عليها. ولكن يبدو أن قدراتهم التنظيمية تجعلهم يبدون أكثر بروزاً
ومسيطرين على الساحات. لكن بالقطع ليس هناك أي توجهات للإصلاح للسيطرة على
الساحات.
* ما رأيكم بموقف اللواء علي محسن وكيف تردون على من يشكك بمواقفه؟ - سبق أن قلت بأن موقف علي محسن بالانضمام إلى ثورة الشباب موقف إيجابي.
أما بالنسبة للرد على من يشكك في موقفه فثبات الرجل وصدقه مع توجهات الثورة
هي ما سيرد.
* ما رأيك بموقف الحوثيين المساند
لثورة الشباب وهل هناك قنوات اتصال بينهم وبين الإصلاح وغيره من أجل تنسيق
المواقف لأجل إنجاح الثوره؟ - موقف الحوثيين إلى الآن ايجابي وهم أحد مكونات اللجنة التحضيرية للحوار
الوطني، والإصلاح كذلك مكون من مكوناتها، ولا شك أن هناك تنسيقا وتواصلا من
خلال هذه اللجنة. ولا توجد ثنائية في هذا التنسيق بين الحوثيين والإصلاح.
* هل ترى وجوب توحيد الخطاب السياسي للأطياف المعارضة الموجودة في الساحة اليمنية على الأقل في هذه المرحلة؟ - أرى من الواجب في هذه المرحلة أن يتوحد خطاب المعارضة في رؤيتها للحلول
والمخارج السياسية التي تحقق أهداف الثورة، وكذا رؤيتها لأولويات المرحلة
فيما بعد نجاح هذه الثورة.
* كيف تقرأ من وجهة نظرك: خرج
الشارع اليمني بكل أطيافــه في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وهل هذه
فاتحـة خير لدوله مدنية نحلم بها من قديم الزمان؟ - أنا متفائل بتوحد المطالب الشعبية لكل أبناء اليمن ومناداتهم بالتغيير
ولاشك أنها مبعث أمل في صياغة اليمن الذي نحلم به القائم على المواطنة
المتساوية ودولة النظام والقانون.
* كثيرا ما سمعنا عن «الثورة
المضادة» في مصر، لكنها بدأت في الشارع اليمني والثورة لم تكتمل؟ أقصد
بالمضادة هنا مبادرات اللقاء المشترك والتحاور من غير أن يعرف الشباب ذلك؟ - لا أعتقد أن أحزاب المشترك تقود ثورة مضادة لأنها تستقبل مبادرات من
النظام القائم وأحزاب اللقاء قد حددت مواقفها بوضوح، وأنها مع مطالب الشباب
ولن ترضى بأقل مما يرضى به شباب الثورة برحيل هذا النظام. ومبادرتها في
خطوات انتقال السلطة تبين رؤيتهم التي رفضها النظام جاءت متفقة مع الأهداف
العامة لثورة الشباب ولن يكونوا حجر عثرة في طريق الثورة، وهي تلبي
تطلعاتهم. أما من يناصبون الثورة العداء من بعض قوى اجتماعية وحزبية فلا شك
أنهم سيسعون لإجهاض مشروعها.
* حسني مبارك تنحى فعليا عندما حاصر الثوار القصر الرئاسي والتلفزيون المصري؟ ماذا تنصح الشباب اليمني؟ - ليس بالضرورة أن تتشابه الثورات في خطواتها وآليات التصعيد فيها
والاختلاف ينشأ تبعا لاختلاف البيئات والثقافات. لا شك أن مراحل التصعيد في
اليمن لابد أن تبدأ، وقد يكون خيار الانتقال من ساحات الاعتصام أمر وارد.
* إذا كان الشمال يتمتع بالكثافة
السكانية فإن الجنوب يتمتع بالمساحة الجغرافية وشيئاً من الثروة، فهل يمكن
أن تكون هذه المعادلة مطلوبة في تقاسم السلطة في الهيئات المنتخبة كمجلس
النواب على سبيل المثال بحيث يكون بالمناصفة؟ - سبق وأن قلت في 2007 في مقابلة صحفية أن من الأخطاء التي وقعت فيها
ترتيبات قيام دولة الوحدة أنها لم تلتفت إلى بعض التفاصيل التي أصبحت
إشكاليات فيما بعد. ومن أبرز الأخطاء التي وقعت فيها غياب التوازن في بعض
المؤسسات كمجلس النواب، فلا يصح أن يكون تمثيل المحافظات الجنوبية بما يمثل
السدس في البرلمان كأهم مؤسسة دستورية في البلد. وسبق أن ناديت بإعادة
النظر في تمثيل المحافظات الجنوبية في البرلمان بما يتناسب مع وزنها كشريك
أساسي في صناعة دولة الوحدة.
* ما هي رؤيتكم لحل قضية الأراضي
التي نهبت في الجنوب أكان بالتعليمات أو بالبسط، مع مراعاة أن البعض
سيكونون ضمن النظام الساقط وآخرين ضمن صفوف الثورة؟ - في قضية الأراضي ينبغي التفريق بين نوعين من الصرف: هنالك أراض صرفت
بمساحات صغيرة بالكاد تكفي لبناء مسكن شخصي ومن حق كل يمني أن يحصل على
قطعة أرض لبناء مسكن مع إعطاء الأولوية والأحقية لأبناء كل محافظة في أراضي
المحافظة التي يسكنون فيها. وهنالك أرض وزعت هي أشبه بتوزيع ثروة من حيث
مساحاتها الشاسعة وأثمانها الباهظة، وهذه أرى بالضرورة أن تعاد ملكيتها
للدولة وإن كانت بيعت فتسترجع أموالها لخزينة الدولة.
* هل ترون أن منح الجنوب شكلاً كونفدرالياً سيعزز الوحدة أم سيقود إلى الانفصال؟ - الكونفدرلية خطوة ستعزز السير إلى الانفصال.
* ما هو موقفكم من الذين ينكرون يمننة الجنوب ويأملون العودة إلى الجنوب العربي؟ - التنكر ليمنية الجنوب لوثة أصابت بعض العقول نتيجة لرغبة جامحة لديهم
للوصول إلى الانفصال، وأعتقد أنهم أخطؤوا الطريق، ونصيحتي لهم أن يقرؤوا
التاريخ جيداً، وألا يدفعهم الشعور بالمظلومية السياسية للخروج عن جادة
الصواب.
* لماذا تتعمد شركات النفط في اليمن توظيف أجانب في الوظائف الحساسة مع أنه توجد لدينا كوادر مؤهلة تستطيع تحمل هذه المسؤوليات؟ - هذا الكلام صحيح، وهو يخالف نصوص الاتفاقيات النفطية التي تتحدث عن
الهيكل الوظيفي في القطاعات النفطية ووجوب يمننة هذه الوظائف وإعطاء جدول
زمني لعملية إحلال الكادر اليمني، ولكن شيئاً من ذلك لا يتم. والسبب يعود
إلى أن وزارة النفط التي هي معنية بتطبيق اتفاقيات النفط باعتبارها الطرف
الثاني في هذه الاتفاقيات لا تقوم بواجبها. وقد وجدنا ذلك في مجلس النواب
عند ممارسة دورنا الرقابي عبر لجنة التنمية والنفط التي أنا أحد أعضائها.
بل وصل الأمر إلى ما هو أشد من ذلك، وهو أن معظم الاتفاقيات تبعها ملاحق
تحدد أن إدارة القطاع النفطي ينبغي أن تكون بالمناصفة، وأن اتخاذ القرارات
الهامة في القطاع النفطي ينبغي أن تكون بمشاركة الجانب اليمني وهذا مالا
يتم العمل به. ويبدو أيضا أن العبث الحاصل في نفط الكلفة، والمبالغة في هذا
الأمر، يوجب عليهم أن تكون الوظائف المفصلية في القطاع النفطي يشغلها
أجانب لخوفهم من وجود كادر وطني قد لا يوافق على مثل هذه التجاوزات.
* هل تعلمون ما تفعله شركات
المقاولين من الباطن التي تعمل مع شركات النفط وخاصة شركة «حاشد» وشركة
«معصار»، وهل تعلمون العصابات التي تبيع الديزل إلى شركات النفط وتحجبه عن
المواطنين مما يشكل أزمات في البلد؟ - معظم الشركات التي تعمل من الباطن تتبع متنفذين أو هم شركاء فيها، وهذه
الشركات تتحصل على مبالغ كبيرة لا تتناسب وحجم الأعمال التي يقومون بها.
أما بيع الديزل فهذه قضية يكتنفها كثير من الفساد، وسبق أن أشرنا إليها في
تقارير صدرت عن لجنة التنمية والنفط في البرلمان، ومع ذلك فتوصيات اللجنة
لم تلقَ قبول الحكومة لتنفيذها.
* هل ستكون هناك آلية معينة لمحاسبة الفاسدين في نظام علي صالح بعد رحيله؟ - قضايا الفساد ونهب المال العام لا تسقط بالتقادم، ولا شك أن المرحلة
القادمة بإذن الله بعد رحيل هذا النظام سيكون من أبرز ثمارها تفعيل دور
المؤسسات الرقابية وأولها البرلمان والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
وهيئة مكافحة الفساد، ولا شك أن كل من سيثبت تورطه في قضايا فساد أنه سيكون
تحت طائلة المساءلة والعقاب.
* هل تتوقع أن تنتهي مطالب بعض الجنوبيين بالانفصال بعد رحيل الرجل الذي كرس الانفصال بين اليمنيين؟ - أعتقد أن بعض من توطّن في رؤوسهم هاجس الانفصال حتى بعد رحيل النظام
سيطالبون بالانفصال، ولكن نسبتهم قليلة بل قليلة جدا، أما السواد الأعظم من
أبناء الجنوب فلن يكونوا إلا مع دولة الشراكة السياسية الحقيقية بين أبناء
الشمال والجنوب، دولة المواطنة المتساوية، دولة النظام والقانون التي
ننشدها برحيل النظام.
* حاول النظام أن يدير المعركة
الإعلامية باستخدام ورقة طالما لعب بها الحكام في المنطقة وهي ورقة
"الإخوان المسلمون" لتخويف الغرب من جهة ولإضفاء الطابع الحزبي على الثورة
الشبابية لدى الرأي العام في الداخل من جهة أخرى، ألم يكن حرياً بالإخوان
في اليمن (تجمع الإصلاح) أن يسدوا على النظام هذه الثغرة التي ينفذ منها
للتشويه على الثورة ويعلنوا نيتهم عدم الترشح للرئاسة في أول انتخابات كما
فعل إخوان مصر؟ - أعتقد أن مرشح الرئاسة سيكون مرشح ائتلاف وليس مرشح حزب بعينه، وعندها
لا ضير، لأن المرشح لن يكون له لون واحد أو محسوب على حزب بعينه. ثم إن
النظام البرلماني الذي هو مطروح الأخذ به ستكون الصلاحية الأكبر فيه مركّزة
بيد رئيس الحكومة، ولن يكون منصب الرئيس هو مركز الثقل في النظام الحاكم.
والخلاصة أنه ليس بالضرورة أن يكون التحدي الموجود في مصر هو نفسه التحدي
الموجود اليمن.
* بعد سقوط نظام الفساد.. هل
تتوقع أن يستمر تحالف الإصلاح مع أحزاب اللقاء المشترك أم سينتهي هذا
التنسيق بانتهاء الهدف من التحالف وهو سقوط النظام؟ وهل تؤيد "إمساكٌ
بمعروف" أم "تسريحٌ بإحسان"؟ - التحالف بين أحزاب اللقاء المشترك لن تنفصم عراه حتى في مرحلة ما بعد
سقوط النظام لأن سنوات الشدة عززت مداميك هذا التحالف وقاربت بين الرؤى
تجاه كثير من القضايا خصوصا الاستراتيجية، وإذا حصل التباين بينها حول بعض
القضايا في المستقبل فإنه سيحتكم إلى قاعدة "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر
بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".
* الواقع والدراسات الغربية تقول
إن من سيتسلم الحكم بعد صالح سيتسلم دولة فاشلة.. وهو العبء الأكبر بعد
نجاح الثورة وهذا ما يقلقنا اليوم، نريد تطمينات منكم على قدرتنا على قيادة
بلد أوصلها صالح لأن تكون فاشلة. - لا شك أن من أهم التحديات التي ستواجهنا هو حجم الفشل الذي أوصلنا إليه
النظام السابق على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى
أصبحت كثير من التقارير تتحدث عن فشل الدولة في اليمن. والدولة الفاشلة كما
تعرّفها كثير من الدراسات هي الدولة التي لا تفرض حكومتها السيطرة على
كافة أراضيها والتي ترى عدم شرعيتها شريحة مهمة من سكانها، والتي ينعدم
الأمن الداخلي لأبنائها وغير القادرة على تقديم الخدمات العامة لمواطنيها،
وهذه في كثير منها تنطبق على حالة اليمن.
طبعا تحديد مصفوفة الخطوات المطلوبة في الانتقال إلى مرحلة نجاح الدولة
يمكن نظريا أن نرتبها على الشكل التالي: البدء أولا بالإصلاحات السياسية
على اعتبار أنها المدخل الحقيقي لأي إصلاحات مطلوبة، فإذا كان الدستور هو
أبو القوانين، فإن الإصلاح السياسي هو أساس الإصلاحات كلها، والبوابة
الكبرى لمختلف الإصلاحات. وأهمها تحديد شكل الدولة وطبيعة نظام الحكم و خلق
مجتمع مدني قادر على الإسهام بفاعلية في الشأن السياسي العام ووضع آلية
حقيقية لنظام ديمقراطي يضمن لليمنيين تحقيق المشاركة السياسية. كما لابد من
إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية والأمنية بحيث تكون هذه المؤسسة انعكاساً
حقيقياً للتركيبة الوطنية يجد أبناء اليمن أنفسهم فيها وتؤدي دورها بحيادية
بعيدا عن تأثير السياسة.
كما أن الجانب الاقتصادي من أهم الجوانب التي أصبحت تمثل تحديا كبيرا أمام
أي سلطة قادمة وهذا يقتضي وجود الإدارة الكفؤة للموارد الاقتصادية المتاحة
والجدية في محاربة الفساد الذي أصبح غولا يلتهم جزءا كبيرا من هذه
الموارد.
ومع ذلك فإن التحدي الحقيقي هو في إحداث ثورة في النفوس وإصلاح الإنسان
الذي هو غاية التنمية ووسيلتها، وما لم تعد صياغة الإنسان اليمني بعد موروث
الثقافة السلبية التي كرستها المرحلة الماضية، فإن اليمن لن تشهد انطلاقه
حقيقية في المرحلة القادمة.
* هل ترى أنكم في أحزاب اللقاء
المشترك خدمتم السلطة الحاكمة أكثر مما عارضتوها في سياساتها الخاطئةِ بحق
الشعب والوطن طيلة الفترة السابقة وذلك من خلال اتباع سياسة المهادنة حيناً
والاستجداء حيناً آخر بالرغم أنكم معارضة شرعية نص عليها دستور دولة
الوحدة من خلال إقران الوحدة بالتعددية السياسية؟ - لا شك أن ضعف المعارضة وقصورها خدم السلطة الحاكمة في الفترة الماضية،
ولكن لا أعتقد أن هناك حالة من المهادنة بين المعارضة والسلطة في الفترة
الماضية بقدر ما كان هنالك عوامل ضعف لدى المعارضة جعلتها لا تستخدم كافة
أدوات الفعل السياسي التي تمتلكها ومن أبرزها تحريك الشارع لخلق رأي عام
ضاغط على النظام، لكن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تطوراً في أداء المعارضة
من خلال تجربة الحوار الوطني التي دعت إليها ومن خلالها خلقت شبكة تواصل
مع مختلف شرائح المجتمع وقواه الفاعلة، واليوم نراها تلتحم مع القوى الحية
في المجتمع والمنادية للتغيير وتقوم بدورها بجدارة واقتدار.
* هل أحرجتكم ثورة الشباب في
عنفوانها حيث أنها بدأت بسقف عال لم تكونوا تحلمون بطرحه على السلطة
الحاكمة من قبل ظهور تلك الثورة الشبابية لذا بدأ الارتباك واضحاً عليكم في
البداية وقررتم الالتحاق بها أخيراً؟ - لا أعتقد أن ثورة الشباب أحرجت اللقاء المشترك فسقفها العالي بالمطالب
كان محل تفهم من قبل أحزاب المعارضة، على اعتبار أن جزءاً من مكون الثورة
هو من قواعدها. والتحاقهم بثورة الشباب لم يأتِ متأخراً ولكن هكذا هو
السياسي دائماً يحسب الأمور بميزان دقيق ويخشى التسرع والاندفاع.
* مجلس النواب مجرد مؤسسة شكلية
مكمل لبقية المؤسسات الديكورية وكل القوانين والقرارات يتم تشريعها
ومناقشتها خارج قاعة البرلمان، وإنما تمر على مجلس النواب لرفع الأيدي,
فكيف قبلتم على أنفسكم كنواب للشعب بتلك الطريقة غير الدستورية؟ - نحن لم نقبل بأي وضعية خاطئة داخل مجلس النواب وكنا دائما نقف ضد أي
تجاوز للقانون والدستور في أعمال المجلس، ولكن غياب التوازن السياسي داخل
البرلمان والأغلبية الكاسحة التي يمتلكها الحزب الحاكم أفرغ هذه المؤسسة من
مضمونها الحقيقي، وجعلها مجرد أداة لتمرير ما تريده الحكومة وهذه رسالة
إلى جمهور الناخبين أنه ما لم توجد مؤسسة برلمانية متوازنة التمثيل، فلا
أمل يعول على ممارسة برلمانية ناضجة تحقق طموحات الناس وآمالهم.
* أنتم النواب الممثلون للدوائر
الجنوبية في مجلس النواب كيف تنظرون إلى أنفسكم عند سماعكم للمجارز التي
تركب من قبل السلطة الحاكمة في حق متظاهرين سلميين في تلك الدوائر التي
انتخبتكم كممثلين عنها؟ - لا يمكن وضع النواب في دوائر المحافظات الجنوبية كلهم في سلة واحدة،
وهناك نواب كانت أصواتهم مرتفعة بالتنديد بهذه المجازر، بل لعلك سمعت بتلك
الجلسة الساخنة التي حاولت رئاسة البرلمان فيها أن تمنعني من الحديث عندما
كانت كتل المعارضة مقاطعة للبرلمان، وحضرت تلك الجلسة بعد الضربة الموجهة
لقرية المعجلة وذهب ضحيتها 45 بين شيخ وطفل وامرأة، وكاد أن يحدث اشتباك
بالأيدي حتى أعطيت الكلام، واستطعنا أن نشكل لجنة تحقيق برلمانية كشفت زيف
الحكومة وادعاءاتها، وقد تلقفتْ كثير من الجهات الداخلية والخارجية هذا
التقرير الذي وضع الحكومة تحت طائلة المساءلة تجاه المجزرة.
* لماذا تراهن على نجاح الوحدة
اليمنية بعد عشرين سنة من فشلها، وهل تريدنا أن نضيع بقية أعمارنا نتصارع
ونصلح ما استعصى على الأتراك والمصريين والسعوديين إصلاحه؟ - أنا أحاول أن أكون صادقا مع نفسي وما أحمل من قناعات، وقد تربيت منذ
نعومة أظفاري على أن الوحدة اليمنية هي الحل لكل الإشكالات التي كان يعاني
منها شطرا اليمن، ونحن اليوم نقولها بالفم المليان إننا عندما نناقش
المظلمة السياسية القائمة في المحافظات الجنوبية فلن نكون إلا جنوبيين حتى
العظم، وعند الحديث عن المخارج والحلول التي تضمن للناس الحقوق والشراكة
فلن نكون إلا وحدويين حتى النخاع. وهذا هو موقفنا الذي نعلنه دون مواربة
والذي بسببه ندفع ضريبة العداء من قبل السلطة وعدم الرضا ممن لا ينسجمون
معنا في هذا الموقف.
* ألا ترى أن من الواجب أن تتضمن
أطروحات الثورة الشبابية ومطالبها رد الاعتبار للقيادات السياسية والعسكرية
الجنوبية التي همشها صالح والتف عليها؟ - ثورة الشباب جاءت لتنتصر لكل المظالم التي شهدتها اليمن، ورد الاعتبار
للقيادات السياسية والعسكرية التي هضم حقها في المرحلة الماضية.
* يا حبذا لو نسمع منك كلمة
توجهها إلى إخوانك الجنوبيين الذين لا زالوا ينظرون إلى أن استقبالهم في
الشمال بعد خروجهم إثر الصراعات الجنوبية ما قبل الوحدة يُعَدّ "معروفا
وجميلا" لابد من الوفاء له عن طريق الوقوف مع الرئيس صالح. - الجنوب قبل الوحدة كانت أرضاً يجد فيها أبناء الشمال كل القبول والترحاب
على اعتبار أنهم يعيشون في أرضهم ويتمتعون بكافة الحقوق فيها، حتى وصل
منهم من وصل إلى سدة الحكم. فلا عجب إذاً أن الشمال في مراحل تالية استقبلت
أبناء الجنوب واحتضنتهم فلا منة لأحد يمكن أن يمتن بها على الآخر. فالشعب
في اليمن شمالاً وجنوباً كان يعيش حالة حقيقية من التوحد حتى في ظل كيانين
سياسيين ودولتين. ومن يريد أن يحمّل علي عبدالله صالح أو غيره من حكام
اليمن السابقين معروف وجميل استقبال أبناء الجنوب فقد جانب الصواب، وعلينا
فعلاً في هذه المرحلة أن نفرق بين العلاقات الشخصية مع من هم في الحكم وبين
حقنا في الاختلاف معهم في السياسات والتوجهات التي ينتهجونها.