د. هشام المعلم hisham6hma@yahoo.com
سباق محموم و جهودٌ مضنية تلك التي يبذلها النظام جاراً الوطن إلى هوةٍ
سحيقة و انتكاسةٍ مرضية قد تكون القاضية إثرَ الداء الفتاك الذي طال أمده و
الذي هو عين النظام ذاته في مواجهة الثورة الشبابية الشعبية التي تبذل ما
في وسعها و تقدم أغلى ما تمتلكه الأوطان وهو زهرة شبابها في عملية إنعاش
سريري لوطن أضناه المرض .
فمن التخييم في الساحات كعملية إستباقية , إلى جمهرة الحشود في كل جمعة و
تأليب المناصرين ضد المعتصمين إلى المواجهات القمعية بالحديد و النار و
خراطيم المياة الباردة و القنابل المسيلة للدموع و الغازات, إلى المحاولات
المستميته لشق صف المعتصمين و إظهار الثورة بأنها مجرد مماحكات سياسية بين
السلطة و المعارضة , إلى إبطال و قتل كل مبادرة تسعى إلى إنهاء الأزمة
بحلول ترضي جميع الأطراف , و الحرب الإعلامية التي تنتشر بشكل لم نعهده من
الإعلام البليد و الذي لم يستأسد إلا في وجه الوطن و ثورته و زرع الأمنيين
في كل مكان و استغلال طيبة البعض و فقر و جهل آخرين .. لن يزيد الثورة إلا
صلابة و تماسكاً متكئةً على نبل أهدافها و مشروعية قيامها .
كما أنَّ أبواق الإعلام و المشككين في مشروعية الثورة و محاولة الترويج
إلى أنها تتعرض للسطو أو التقليل من شأنها و التعرض لمن يقف في صفها بأي
شكل ما هي إلا محاولات يائسة غبية تنكشف كل يوم , كما هو حال الكثير ممن
يمارسون دورهم في محاربة الثورة تحت حجة نحن كنا مع الثورة عندما كانت
شبابية خالصة و لكنها الآان لم تعد كذلك في حجة واهية و كاذبة للتملص من
مسئولياتهم تجاه ما يحدث و عبارة عن غطاء من الزيف لخنوعهم و و تخاذلهم عن
مناصرة الثورة , فالثورة تُسقى بدماء الشهداء الأبرار و بالكلمة الحرة
الصادقة و تحتفظ بسلميتها كشعار و منهج مهما تعالت أصوات الرصاص كما يحدث
اليوم في كل محافظات الوطن الحبيب , فعلى من يرى أنها ثورةٌ مشروعة و ذات
مطلب حق أن يقف معها لا أن يسلك درب التشكيك المستمر و محاولة التفريق و شق
الصف.
فالآلة الإعلامية الرسمية الغبية التي تحترفُ توجيه مدافعها في وجه الوطن و
المواطن تبرأت منها حتى اللغة العقيمة و ما تقوم به من نشر للأكاذيب و
تزييف للحقائق هي إحدى آليات الفعل المضاد للثورة النقية, من يستمع إليها و
إلى ما تروج له من اكاذيب و ادعاءات و مغالطات بمعية الكثير من ضيوف
برامجها و ياللأسف حتى من حملة الشهادات العليا و الأكاديمين و الحقوقيين
يعرف تماماً ما معنى أنه يجب اليأس من هؤلاء المتثاقفين.
و المؤامرات و الأفعال المضادة المتمثلة في الكثير و الكثير من الأفعال
مثل محاولة خلق الفوارق و التباينات بين الشباب المعتصمين و التركيز على
الهفوات التي تصدر من البعض و تأليب الناس بحجة التضرر من الإعتصامات و حشد
الجماهير لتلميع وجه العجوز الشمطاء القبيحة فتظهر كمهرج و أفتعال الأزمات
الغذائية و التموينية و الترهيب بما يسمى الفتنة او القاعدة و غيرها تندحر
بفعل الصمود السلمي العجائبي لأبطال التغيير.
كما نجد أن تشكيل اللجان الأمنية من المواطنين في بعض المحافظات من قبل
النظام كخطوة إستباقية في محاولة لبذر نواة الفتنة بين أفراد الشعب في حال
تحقق مطلب الثورة بإسقاط النظام و لجوء الثوار إلى تشكيل لجان شعبية لحماية
الممتلكات و المرافق العامة من الفوضى فتصطدم بهذة اللجان .
فلينسلخوا من إنسانيتهم ما شاءوا و ليشربوا من دم الشهداء و الجرحى حتى
الثمالة, و ليطل صمت الخانعين و لينعق المهرجين و المرجفين و أبواق الزيف
بما يستطيعون, و ليفعلوا ما باستطاعتهم, لكنهم أبدا لن يستطيعوا ان يسقطوا
مشروعية هذة الثورة أبدا, فما ظننا يوماً أن هدفاً سامي كالذي نسعى له
سيكون دربه مفروشاً بالورود, ما ساورنا الشك أبداً في أن كل هذة المعوقات
ستلقى في طريق الحرية.
و لكنَّ علو الهمةِ و ترقي الغايات تجعلنا نؤمن أكثر بأن الثورة لن تبدأ
مسيرتها الحقيقية إلا بعد تحقق الهدف الأول المتمثل بزوال العقبة الاساسية
في طريق بناء الدولة المدنية الحديثة الحقيقية و هو زوال النظام و من ثَمَّ
مجابهة سيل التحديات المتربصة بنجاحها.
قد لا يجيد أصحاب الحق لغة الإستعطاف و لكن تلك الطفلة التي صرخت بلكنتها
الطفولية البريئة ( إلحل ) ( قتلت بابا ) و أبكت الكثير ربما تبنت دموع
براءتها قلوبُ من استعصى على الكلمات الرنانة فعله على المدى الطويل فترجمت
عواطفها الى افعال .. ففي مجتمع تحكمه العواطف كم يلزمنا من دماء طاهرة و
دموع يتامى حتى يتحقق الحلم.
لكنني قد لا أكون متفائلاً و لا زاعماً لو ادعيتُ أن الحلم بالفعل تحقق
منه الجزء الأعظم و التغيير حصل بلا ريب و التلاحم الشعبي الذي يبدو جلياً
للعيان و الوعي الجديد الذي ترعرع في أذهان الناس تغلب على اليأس الذي سكن
بلادنا فيما مضى و هذا لوحده يجبرنا على الزهو بأن القادم بلا أي شك سيكون
الأفضل.
و لن يعلو صوت على صوت الحق , فمن تسلح بالصدق و سلك درب النور و تدثر
بالحب و كان التغيير نحو الأفضل غايته و الحرية و بناء الوطن هدفه فلن يضيع
مسعاه و ستسطع أنوارُ الثورة, و ستخبوا نيران الفتنة التي يسعى إلى شب
أوارها النظام مهما تكالبوا و ألبوا و حشدوا و قمعوا.
و ستتكلل الثورة بالنصر على أيدي عشاق الوطن الحقيقي و لسان حالهم :
لقد حاصرتُك بسلميتي و هزمتك بمشروعية ثورتي ..
لقد عريتك أمام الجميع فما الذي يمكنك فعله بي الآاان..؟
إن تعتدي عليَّ.. فأنت تعلي بشرع الثورة هامة بطل
و إن تسجنني ..فأنا بشرع التحضر سجين رأي
و إن تقتلني.. فأنا بعرف فردوس الشعوب شهيييد
فإلى أين المفر ؟؟
سلاحنا مشروعية ثورتنا و متارسنا صدورنا العارية في وجة الرصاص الحي و
سلميتنا هي دثار النور.. و الشهداء و الجرحى هم نجوم هذة الأمة و نور دربها
و فقدهم لا يعوضه شئ لكنها حقيقة الثورات.
المصدر أونلايـن