المصدر أونلاين ـ حاوره: عبدالملك شمسان
ملايين من أبناء الشعب اليمني خرجوا يوم الجمعة إلى الساحات معلنين هدفاً
واحداً: «الشعب يريد إسقاط النظام» ويصوغون واقعاً يمنياً جديداً.. وكانت
أحزاب اللقاء المشترك قد دعت أنصارها في بيان لها قبل أيام للالتحام
بالشباب المعتصمين في ميادين المحافظات المختلفة.. القيادي المعارض المعروف
وعضو الهيئة العليا للإصلاح محمد قحطان تحدث في حوار أجرته معه صحيفة
ـ"العاصمة" عن جملة من القضايا ذات صلة، ويعيد المصدر أونلاين نشره
بالاتفاق مع الصحيفة.
< خرجت المعارضة اليوم مع
الجماهير بمئات الآلاف في مختلف محافظات الجمهورية.. هل نفهم أن الالتحام
بالشعب لإسقاط النظام أصبح القرار النهائي لأحزاب المشترك أم هو مستوى جديد
من الضغط للحصول على مطالب وإصلاحات معينة؟ - الحقيقة أن هناك موقفا شعبيا، وأي تصوير لما يجري اليوم من حوار أو من
خلاف أو من تظاهر أو أي شكل من أشكال الفعل السياسي على أنه بين السلطة
والمعارضة فهو تصوير ناقص وغير دقيق.
البلد يشهد اصطفافين: الشعب المتضرر من الفساد والمتضرر من سياسات السلطة،
وهناك في الصف الآخر أناس بعدد أصابع اليد الواحدة.. حتى الذين يظهرون
اليوم وكأنهم متفرجون أو منتظرون عملياً، هم مصطفون معنوياً في الصف
المتضرر من الشعب. المسألة بأبعادها خرجت من كونها معارضة وسلطة، هناك موقف
شعبي عام، واللقاء المشترك وشركاؤه يحاول في إطار هذا الموقف الشعبي العام
أن يدفع بالأمور نحو خيارات أقل ضررا وأقل كلفة.
< وإسقاط النظام هو الخيار الأقل ضررا وكلفة؟ - أحياناً لا تكون المشكلة الهدف، وإنما تكون المشكلة الوسائل..
< نقلت بعض الصحف عن عبدالوهاب
الآنسي قوله إن المشترك اتخذ القرار الحالي وهو غير موجود، وتحدثت عن
خلافات في المشترك على هذا القرار، ما حقيقة أنه ليس هناك اتفاق بشأن هذه
القضية؟ - أستطيع القول إن المشترك لم يخرج حتى الآن بالمعنى الحرفي للكلمة..
< لكنه اتخذ القرار ودعا أنصاره للخروج.. - نحن بطبيعة الحال منحازون للشعب، وهذه مسألة ليست من اليوم، وهذا جزء من تكويننا، جزء من دمنا من لحمنا، من كل شيء لنا.
< لطالما استندتم في نضالكم إلى عدالة القضية وإلى مشروعية المطالب.. ماذا عن إسقاط النظام، هل هو مطلب مشروع؟ - هنا يمكن أن يكون أفضل رد على هذا تلك النكتة التي يتداولها الناس:
قالوا صدرت توجيهات عليا بأن شعارات «الشعب يريد..» لا تعنينا، سألوه:
لماذا؟ قال: أصلاً ما فيش نظام!! فبالإمكان أن تغني هذه النكتة عن الجواب.
< ما قصدته هو أن غياب مشروعية المطلب قد يعني حضور مشروعية القمع والرد العنيف.. - ليس للقمع مشروعية، هذه السلطة يتقلدها شخص ما أو طرف ما وفقاً لعقد
اجتماعي وهو الدستور الذي يقول إن الشعب مالك السلطة، والمالك الأصيل من
حقه أن يعزل من وكله أو يرفضه أو يبعده، كما له –أيضاً- حق التعبير.. عندما
آتي وأقول سلماً لا أريد فلان أو علان فهذا حق والمقدس هو الله سبحانه
وتعالى الذي لا يصح لنا إلا أن نسبحه وحده ونقدسه ونعظمه ولا توجد ذات أخرى
مقدسة.
< لكن طاعة ولي الأمر من طاعة الله.. - لا يوجد في القرآن نص على ولي الأمر، القرآن تكلم عن أولي الأمر، وأولو
الأمر أناس بمجموعهم مجلس النواب والرئاسة والحكومة والفاعلون السياسيون
وأصحاب السلطة والمعارضة..
< لدينا ثلاثة نماذج: النموذج
التونسي والنموذج المصري والنموذج الليبي الذي ما زال مستمرا.. أي هذه
النماذج يمكن أن يتكرر في اليمن، أم سيكون هناك نموذج رابع؟ - هذه النقطة التي إذا لفيت وبحثت وبحثت لتعرف ماذا يريد المشترك ستجدنا
في اللقاء المشترك عند هذه النقطة ما زلنا نريد ونتمنى أن تأخذ الحكمة
اليمانية مجراها لتجنب البلاد والعباد الإشكالات والتضحيات والخسائر
والدماء.
< حكمة يمانية ممن؟ كلنا يمنيون، سلطة ومعارضة، ممن تنتظرون الحكمة اليمنية؟ - بالنسبة لنا في اللقاء المشترك نحن واضحون، سواءً كنا مع إسقاط النظام
أو لا، سواء دعونا إليه أو لا، نحن ننهج نهجا سلميا، وهذه المسألة ليس فيها
مهادنة، هذه القضية يابسة لدينا، وبالتالي لا يمكن أن يأتي الإشكال من
جانبنا.
< ليس شرطا أن يأتي من جانبكم، لكن قد تكون هي مشكلة الكل لأننا نتكلم عن خصوصية المجتمع اليمني، وهي أنه مجتمع قبلي ومسلح.. - لا شك أن هنا بيئة اجتماعية مختلفة في اليمن، وهذا بكل تأكيد، لكن هذه
البيئة أعتقد أننا كلقاء مشترك ومعارضة نرسي فيها ومنذ زمن مداميك للفعل
السياسي السلمي، وهذه المداميك التي أرسيناها للفعل السياسي في البيئة
اليمنية هي اليوم ستأتي أكلها وستؤتي ثمارها.
< لم تعودوا تخافون من حدوث التشطير في حال سقوط النظام أو دخول البلد في ارتباكات؟ - دائماً يأتي تقطيع الأرحام وتقطيع أوصال الأوطان جراء فساد ذوي الولايات
«فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم».. فإذا الشعب
هب ليسقط فساد ذوي الولايات فلا تخف عندئذ على اللحمة الوطنية من التفكك،
بل العكس: أن تفعل ذلك فأنت تقوي اللحمة الوطنية، وتستطيع أن تستشف هذا
الكلام بوضوح في مقابلة الأخ المهندس المناضل القدير حيدر العطاس.
< العطاس توقع في مقابلته أمس
أنه إذا استمرت هذه الاعتصامات فالنظام سيسقط قبل نهاية الشهر.. هل هو
متفائل أم يشجع الناس أم يعكس رغبته في سقوط النظام؟ - بالعكس، أنا شاهدت جزء من مقابلة حيدر العطاس ولاحظت أنه يتكلم متجرداً أكثر من أي وقت مضى ويتكلم بلغة وطنية راقية.
< كان يطالب بالإنفصال كحل وحيد؟ - لا نريد أن نلقي الأمور جزافا، لكن فساد ذوي الولايات هو الذي يقطع الأوصال والأرحام واللحمة الوطنية.
< أقصد أنه تحول من مطلب الانفصال إلى مطلب إسقاط النظام. - أنا أعتقد أن كل يمني يطمح إلى دولة يمنية تقوم على الشراكة الوطنية
والمواطنة المتساوية لتشمل جميع اليمنيين. لا يوجد واحد يحترم نفسه يقول
غير ذلك، لكن سلوك السلطة هو الذي أوصل الناس إلى ما وصلوا إليه، وحيدر
العطاس هو أول رئيس وزراء في دولة الوحدة ماذا تقول عنه؟ ألم يكن هو ممن
رفعوا العلم شامخاً عالياً؟ وهذا الكلام يقال عن كثير وليس العطاس فقط،
فمنذ متى كان الرئيس المناضل علي ناصر محمد انفصاليا؟ ولعلك قرأت البيان
الذي صدر عنه وعن آخرين منهم العطاس ومحمد علي أحمد وأحمد عبيد، وذات الأمر
يقال عن لطفي شطارة وغيرهم كثير وكثير.
< خرجت مظاهرات خلال الأسبوع الماضي في عدن وفي حضرموت وغيرهما تطالب بإسقاط النظام وقبل ذلك كانوا يطالبون بالانفصال.. - عندما سُدت أمام الناس أفق التغيير ولم يبق أمامهم إلا هذه السلطة
الفاسدة ظن بعض الناس أن الانفصال هو الأسهل، لكن إذا وجدت سلطة ونظام
تعددي ديمقراطي يقوم على الشراكة الوطنية والحقيقية ويجسد المواطنة
المتساوية بحق وحقيقة ويقوم على قاعدة تقاسم كافة اليمنيين السلطة وشراكتهم
في السلطة والثروة فأعتقد أنه لا أحد يريد أن يظهر غير هذه المطالب
الإنسانية العادلة.
< كأنكم في الوقت الحالي تراهنون
على الوقت وعلى تداعيات موجة الثورة الحاصلة في تونس ومصر وفي عدد من
الأقطار العربية، والنظام –بالمقابل- يراهن على الوقت ويرجو تحقق التهدئة
مع مرور الزمن وأن تعود الأمور إلى طبيعتها. - بالنسبة للنظام إن كان يراهن على الوقت أو لا فهذا شأنه. أما ما يتعلق
باللقاء المشترك فهو من رفع شعار النضال السلمي منذ وقت مبكر، وبدأنا نرسي
مداميك النظام السلمي في البيئة اليمنية بوقت مبكر وهذه خطتنا وهذه
مراهنتنا وليس غيرها وهي ستفضي بالنهاية إلى انتصار الشعب بإذن الله.
< الشعب كلمة كبيرة.. هل أصبحت هذه القضية قناعة شعبية لدى كل مكونات الشعب؟ - هناك أمور تدخل في نطاق البديهيات، وهذه من أهم المطالب الشعبية، ليس
هناك في الشعب اليمني من لا يريد قضاء مستقلا ونزيها، لا يوجد أحد في الشعب
اليمني لا يريد دولة نظام وقانون، لا يوجد أحد لا يريد مواطنة متساوية،
اليمنيون من أقصى صعدة إلى أقصى المهرة كلهم يريدون مواطنة متساوية وشراكة
وطنية تجسد المبادئ التي دعا إليها الثوار ودعا إليها الأحرار من مطلع
الثلاثينيات.
< الجميع متفقون على الهدف، لكن الناس يختلفون حول الآلية. - أوافقك هذا الرأي، ولذلك عندما أتحدث عن الأهداف أتحدث بأفق أوسع. عندما
أقول لك السياسات التي سنتبعها فالوسائل أتكلم عن نفسي كمشترك وشركائه.
< هل لديكم برنامج تصعيدي.. - لا نحتاج لعمل برنامج تصعيدي، فالشعب متقد حماساً ولا يحتاج إلى برنامج تصعيد.
< النقطة التي لا يفتأ الكثير
يعلن عن قلقه منها هي تلك المتعلقة بتركيبة الجيش.. الجيش اليمني حتى الآن
لم ينزل رغم ما حدث من قمع وقتل.. كيف تتصورون أن تجري الأمور؟ - لا نريد أن نستبق الأحداث ونستبق الأمور.. نحن من جانبنا مصممون على
النضال السلمي مهما كانت النتائج. وأسأل الله العلي القدير أن يجنب اليمن
كل سوء ومكروه.