لِخَولةَ أطْلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ،
تَلوحُ كَباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وُقوفاً بها صَحْبي عليَّ مَطِيَّهُمْ،
يَقولونَ: لا تَهْلِكْ أسًى وتَجَلّد
كأنَّ حُدُوجَ المالِكيَّةِ غُدوةً،
خَلايا سَفينٍ بالنَّواصِفِ مِن دَدِ
عَدَوْلِيّةٌ أو مِن سَفينِ ابنِ يامِنٍ
يَجورُ بها المَلاّحُ طَوراً ويَهْتَدي
يَشُقّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بها،
كما قسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ
وفي الحيّ أحوى يَنفُضُ المَردَ شادنٌ
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خَذولٌ تُراعي رَبْرَباً بِخَميلةٍ،
تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، وتَرتَدي
وتَبسِمُ عنْ ألمى، كأنّ مُنَوَّراً
تَخَلّلَ حُرَّ الرّمْلِ دِعْصٍ لـه نَدي
سَقَتْهُ إياةُ الشّمسِ إلاّ لِثاتِهِ
أُسِفَّ وَلم تَكْدِمْ عليه بإثمِد
وَوَجْهٍ كأنّ الشّمسَ حَلّتْ رِداءَها
عليه، نَقِيَّ اللّونِ لمْ يَتَخَدّدِ
وإنّي لأمضي الـهمّ، عند احتِضاره،
بِعَوْجاءَ مِرْقالٍ تَروحُ وتَغتَدي
أمُونٍ كألْواحِ الأرانِ نصَأتُها
على لاحِبٍ كأنّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
جَماليّةٍ وجْناءَ تَردي كأنّها
سَفَنَّجَةٌ تَبري لأزعَرَ أربَدِ
تُباري عِتاقاً ناجياتٍ، وأتبَعَتْ
وَظيفاً وَظيفاً فَوق مَورٍ مُعبَّدِ
تَرَبَّعَتِ القُفّينِ في الشَّولِ تَرتَعي
حَدائِقَ مَوليّ الأسِرّةِ أغْيَدِ
تَريعُ إلى صَوْتِ المُهيبِ، وتَتّقي،
بِذي خُصَلٍ، رَوعاتِ أكلَفَ مُلبِدِ
كأنّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنّفَا
حِفافَيْهِ شُكّا في العَسِيبِ بمَسرَدِ
فَطَوراً به خَلْفَ الزّميلِ، وتارةً
على حَشَفٍ كالشَّنّ ذاوٍ مُجَدَّدِ
لـها فَخِذانِ أُكْمِلَ النّحْضُ فيهما
كأنّهُما بابا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنيّ خُلوفُهُ،
وأجرِنَةٌ لُزّتْ بِدَأيٍ مُنَضَّدِ
كأنّ كِناسَيْ ضالَةٍ يُكنِفَانِها
وأَطْرَ قِسيٍّ تحتَ صُلْبٍ مُؤيَّدِ
لـها مِرفَقانِ أفتَلانِ كأنّهَا
تَمُرّ بِسَلْمَيْ دالجٍ مُتَشَدّدِ
كَقَنْطَرَةِ الرّوميِّ أقسَمَ رَبُّها
لَتُكْتَنَفَنْ حتى تُشادَ بقَرْمَدِ
صُهابِيّةُ العُثْنُونِ مُوجَدَةُ القَرَا
بَعِيدةُ وَخْدِ الرجلِ مَوّارَةُ اليَدِ
أُمرّتْ يَداها فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ
لـها عَضُداها في سَقِيفٍ مُسَنَّدِ
جنُوحٌ دِفاقٌ عَنْدلٌ ثمّ أُفرعَتْ
لـها كتِفاها في مُعالًى مُصَعَّدِ
كأنّ عُلوبَ النسْعِ في دَأَياتِها
مَوَارِدُ مِن خَلْقاءَ في ظَهرِ قَردَدِ
تَلاقَى، وأحياناً تَبينُ كأنّها
بَنائِقُ غُرٌّ في قميصٍ مُقَدَّدِ
وأتْلَعُ نَهّاضٌ إذا صَعّدَتْ به
كسُكّانِ بُوصِيٍّ بدجْلَةَ مُصْعِد
وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كأنّمَا
وعَى المُلتَقَى منها إلى حَرْفِ مِبرد
وخَدٌّ كقِرْطاسِ الشّآمي ومِشْفَرٌ
كسِبْتِ اليماني، قَدُّهُ لم يُجَرَّد
وعَيْنَانِ كالماوَيّتَينِ استَكَنّتَا
بكهْفَيْ حِجاجَيْ صخرةٍ قَلْتِ مورد
طَحُورانِ عُوّارَ القذى، فتراهُما
كمَكْحُولَتَيْ مَذعورَةٍ أُم فرقد
وصادِقَتا سَمْعِ التوجُّسِ للسُّرى
لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُندد
مُؤلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتقَ فِيهِما،
كسامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ
وَأرْوَعُ نَبّاضٌ أحَذُّ مُلَمْلَمٌ،
كمِرداةِ صَخرٍ في صَفِيحٍ مُصَمَّدِ
وأعْلَمُ مَخروتٌ مِن الأنفِ مارِنٌ،
عَتيقٌ مَتى تَرجُمْ به الأرض تَزدَدِ
وإنْ شئتُ لم تُرْقِلْ وإن شئتُ أرقَلتْ
مَخافَةَ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدّ مُحصَدِ
وإن شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رأسُها
وعامَتْ بِضَبْعَيْها نَجاءَ الخَفَيدَدِ
على مِثلـها أمضي إذا قال صاحبي:
ألا لَيتَني أفديكَ منها وأفْتَدي
وجاشَتْ إليه النّفسُ خوفاً، وخالَهُ
مُصاباً ولو أمسى على غَيرِ مَرصَدِ
إذا القومُ قالوا مَن فَتًى؟ خِلتُ أنّني
عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلّدِ
أحَلْتُ عليها بالقَطيعِ فأجذَمتْ،
وقد خَبّ آلُ الأمعَزِ المُتوقدِ
فذالَتْ كما ذالَتْ ولِيدةُ مَجْلِسٍ
تُري ربّها أذيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
ولَستُ بِحلاَلِ التّلاعِ مخافةً،
ولكِنْ متى يَسترْفدِ القومُ أرْفِدِ
فإن تَبغِني في حَلقةِ القومِ تَلقَني،
وإنْ تَقتَنِصْني في الحوانِيتِ تَصْطد
متى تَأتِني أُصبحكَ كأساً رَوِيّةً،
وإنْ كنتَ عنها ذا غِنًى فاغنَ وازْدَد
وإنْ يَلتَقِ الحيُّ الجميعُ تُلاقِني
إلى ذِروةِ البَيتِ الرّفيع المُصَمَّدِ
نَدامايَ بِيضٌ كالنّجُومِ، وقَينَةٌ
تَروحُ عَلَينا بَينَ بُردٍ ومَجْسَدِ
رَحيبٌ قِطابُ الجَيبِ منها، رقيقَةٌ
بِجَسّ النّدامى، بَضّةُ المُتجرِّدِ
إذا نحنُ قُلنا: أسمِعِينا انبرَتْ لنا
على رِسْلِها مَطروقَةً لم تَشَدَّدِ
إذا رَجّعَتْ في صَوتِها خِلْتَ صَوْتَها
تَجاوُبَ أظآرٍ على رُبَعٍ رَدي
وما زال تَشرَابي الخُمورَ، ولَذّتي،
وبَيعي وإنفاقي طَريفي ومُتلَدي
إلى أن تَحامَتني العَشيرة كلُّها،
وأُفرِدتُ إفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ
رأيتُ بني غبراءَ لا يُنكِرونَني،
ولا أهلُ هَذاكَ الطرافِ المُمَدَّد
ألا أيُّهذا اللاّئمي أحضُرَ الوغى،
وأن أشهدَ اللذّات، هل أنتَ مُخلِدي؟
فإنْ كُنْتَ لا تَسطِيعُ دَفْعَ مَنيّتي،
فَدعْني أُبادرْها بما مَلَكَتْ يدي
ولولا ثلاثٌ هُنّ مِنْ عِيشةِ الفتى،
وجَدكَ لم أحْفِلْ متى قامَ عُوَّدي
فمِنهُنّ سَبْقي العاذِلاتِ بشَرْبَةٍ
كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تُزبِد
وكَرّي، إذا نادى المُضافُ، مُحَنَّباً
كسِيدِ الغَضا، نَبّهْتَهُ، المُتَوَرد
وتقْصيرُ يوم الدَّجن والدَّجنُ مُعجِبٌ
ببَهْكَنَةٍ تحتَ الطرَافِ المُعَمَّد
كأنّ البُرينَ والدّمالِيجَ عُلّقَتْ
على عُشَرٍ، أو خِروَعٍ لم يُخَضَّد
كريمٌ يُرَوّي نفسه في حياتِهِ،
ستَعلمُ، إنْ مُتنا غداً، أيُّنا الصّدي
أرى قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بمالِهِ،
كَقَبرِ غَويٍّ في البَطالَةِ مُفسِدِ
تَرى جُثْوَتَينِ من تُرَابٍ، عَلَيهِما
صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ
أرى المَوتَ يَعْتامُ الكِرَامَ ويصْطفي
عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتشَدد
أرى العَيشَ كَنزاً ناقِصاً كلَّ ليلةٍ،
وما تَنقُص الأيّامُ والدّهرُ يَنفَدِ
لَعَمْرُكَ إنّ الموْتَ ما أخْطَأ الفَتى،
لَكالطوَلِ المُرخى وثِنياهُ باليَدِ
فما لي أراني وابنَ عمّي مالِكاً
متى أدنُ مِنهُ يَنأ عني ويَبعُدِ؟
يَلومُ وما أدري عَلامَ يَلومُني،
كما لامَني في الحيّ قُرطُ بنُ مَعْبدِ
وأيْأسَني منْ كلّ خيرٍ طَلَبْتُهُ
كأنّا وضَعْناهُ إلى رَمْسِ مُلْحَد
على غيرِ ذنبٍ قلتُه، غيرَ أنّني
نَشَدْتُ فلم أُغْفِلْ حَمُولةَ مَعبَد
وقرّبْتُ بالقُرْبى، وجَدكَ إنّني
متى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيثَةِ أشهد
وإنْ أُدْعَ للجُلّى أكُنْ من حُماتِها،
وإنْ يأتِكَ الأعداءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ
وإن يَقذِفوا بالقَذع عِرْضَك أسقِهمْ
بكأسِ حِياضِ الموتِ قبلَ التهدُّد
بلا حَدَثٍ أحْدَثْتُهُ، وكَمُحْدَثٍ
هِجائي وقَذفي بالشّكاةِ ومُطْرَدي
فلو كان مَولايَ امرأً هو غيرَهُ
لَفَرّجَ كَرْبي أوْ لأنْظَرَني غَدي
ولكِنّ مولايَ امْرُؤ هو خانِقِي
على الشكرِ والتَّسْآلِ أو أنا مُفتَد
وظُلمُ ذوي القُرْبى أشَدُّ مَضَاضَةً
على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد
فَذَرْني وخُلْقي، إنّني لَكَ شاكِرٌ،
ولو حَلّ بَيْتي نائياً عندَ ضَرْغَد
فلو شاءَ رَبي كنتُ قَيْسَ بنَ خالِدٍ،
ولو شاءَ ربي كنتُ عَمْرَو بنَ مَرثَد
فأصْبحْتُ ذا مالٍ كثيرٍ، وزارَني،
بَنُونَ كِرَامٌ سادَةٌ لِمُسَوَّدِ
أنا الرّجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعرِفونَهُ
خَشاشٌ كرَأسِ الحيّةِ المُتوَقدِ
فآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحي بِطانَةً
لِعَضْبٍ رَقِيقِ الشّفْرَتَينِ مُهَنّدِ
حُسامٍ، إذا ما قُمْتُ مُنْتَصِراً به
كَفَى العَودَ منه البدءُ، ليسَ بمِعضَد
أخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَني عن ضريبةٍ
إذا قِيلَ: مَهْلاً! قال حاجِزُه: قَدي
إذا ابْتَدَرَ القَوْمُ السّلاحَ وَجَدْتَني
مَنِيعاً، إذا بَلّتْ بقائِمِهِ يدي
وبَرْكٍ هُجُودٍ قد أثارَتْ مَخافَتي
بَوَادِيَها، أمْشي بعَضْبٍ مُجَرَّدِ
فمرّتْ كَهاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالةٌ
عقِيلَةُ شَيْخٍ كالوبِيلِ يَلَنْدَد
يقولُ، وقد تَرّ الوَظِيفُ وساقُها:
ألَسْتَ ترى أنْ قد أتَيْتَ بمُؤيِد؟
وقال: ألا ماذا تَرَونَ بِشاربٍ،
شديدٍ علينا بَغْيُهُ، مُتَعَمدِ؟
وقالَ: ذَرُوهُ إنما نَفْعُها لـهُ،
وإلاّ تَكُفّوا قاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ
فظَلّ الإماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَها،
ويُسْعَى علينا بالسّدِيفِ المُسَرْهَدِ
فإنْ مُتُّ فانْعِيني بما أنا أهْلُهُ،
وشُقّي عليّ الجَيْبَ يا ابنَةَ مَعْبَد
ولا تَجْعَلِيني كامرىءٍ ليسَ هَمُّهُ
كَهَمّي ولا يُغني غَنائي ومَشهَدي
بطيءٍ عنِ الجُلّى، سريعٍ إلى الخَنى،
ذَلُولٍ بأجْماعِ الرّجالِ مُلـهَّدِ
فلو كُنْتُ وَغْلاً في الرّجالِ لَضَرّني
عَداوَةُ ذي الأصْحابِ والمُتوَحد
ولكِنْ نَفى عنّي الرّجالَ جَراءتي
عليهِم وإقدامي وصِدْقي ومَحْتِدي
لَعَمْرُكَ، ما أمْري عليّ بغُمّةٍ
نهاري، ولا لَيلي عليّ بسَرْمَد
ويومٍ حَبَسْتُ النّفسَ عِند عِراكِهِ
حِفاظاً على عَوراتِهِ والتّهَدّد
على مَوطِنٍ يخْشى الفتى عندَهُ الرّدى،
متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائِصُ تُرْعَد
وأصفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوارَهُ
على النارِ واستوْدَعتُهُ كَفّ مُجمِد
ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهِلاً
ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَود
ويَأتِيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تَبِعْ لـه
بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ لـه وقْتَ مَوعد