موضوع: كلمات من القلب في الدفاع عن صخر بن حرب الجمعة ديسمبر 24, 2010 1:49 pm
كلمات من القلب في الدفاع عن صخر بن حرب
بـســـــــــم اللّه الرحمـــن الرحيــــم
قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى و أزكى الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد المصطفى وبعد: فلقد استفزني قومٌ صار من قوام عقيدتهم سبٌ وشتم ولعنٌ وطعن ومن المؤسف جداً حقاً أن الأمر يدل على انحراف في العقيدة والتفكير بل هو انحراف خطير يعيه كل ذو عقل ولب حتى ولو لم يكن مؤمناً بعقيدة معينة سوى أنه عندما ينظر إلى أمثال هؤلاء القوم يعرف بالفطرة وبالنفس التي دلّ على عظمتها الذي خلقها فسواها فألهمها فجورها وتقواها 0 وإنّ من المؤسف حقاً أن يبقى القوم على ما هم عليه وبين أيديهم كتاب رب العالمين كتاب الرحمن الرحيم العزيز الحكيم وكأننا ننسى أحياناً كوننا عبيد لرب عظيم منزّل الكتاب العظيم على رسوله الكريم قف هنيهة يا أخي وقم بحوار ذاتي بينك وبينك نفسك وخاطبها عرّفها لعلها نسيت من تكون وعلّها ترجع فتذكر سأوجز بعيداً عن الاستفاضة بشرح القيم الأخلاقية فلا فائدة من إطالة الشرح مع عدم التقوى ورب العزة في أول سورة البقرة في محكم تنزيله بيّن حقيقة أن الهداية مرتبطة بالتقوى فاتق الله في نفسك يا أخي ولتراجع أسس التقوى من خلال قراءة كتابه الكريم مستشعراً قيمة العبودية الحقة واقرأه بلهجة المدان لا المدين أي قراءة المتهم لنفسه ولا تعتقد بنفسك أنك أكبر من ذلك مع الدعاء بالاستعاذة العظيمة التي كان يدعو بها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ( اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ) صدقني إن أخلصت وابتعدت عن الأفكار المسبقة متوكلاً على الله فسيهديك الله وهو القائل بحديث قدسي ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) إن أحسست بأمور فوق طاقتك فاقرأ أواخر سورة البقرة وان شاء الله ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) ستكون من أهلهما راجين ذلك لك مع التزام الصدق والإخلاص والتجرد الكامل من الربوبية النفسية والاستعانة والاستعاذة بالله والصلاة على مصطفاه وعدم اليأس أما إن كنت تظن بنفسك غنياً عن الله فالله غني عن العالمين ومن المؤمنين رجال0 إني يا أخي لا أصف لك الدواء إلا ليقيني بالشفاء إن شاء الله ويقيني أنك لست من أهل الطمأنينة فمحال ثم محال أن يطمئن عبد الاطمئنان العقيدي بعيداً عن منهج الله المتمثل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أكرر اتق الله في نفسك وابحث بحق عن أسس التقوى تهتدى إن شاء الله 0
حديثي عن صخر بن حرب رضي الله عنه سيكون موجزاً فحقيقة الأمر أن هناك الكثير من العقد في لساني أرجوا من الله أن يحلُلها لذلك أترك التأمل للقارئ في ما سأورد : · أولا ( صخر بن حرب القرشي رضي الله عنه وقرابته بالنبي صلى الله عليه وسلم ) يقول الله عز وجل ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) صخر بن حرب رضي الله عنه هو من ذوي قربى النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلوات الله عليه وسلامه يكرم الأباعد من ذوي قرباه فكيف وان كانت النسبة مع صخر بن حرب رضي الله عنه ليست بتلك النسبة البعيدة بل كانوا يخاطبون بعضهم البعض أحايين كثيرة بلفظ ابن العم وان قال قائل وما يغني النسب وقد تبت يدا أبي لهب نقول هذا مع الكفر أما مع الإيمان فالقضية تختلف والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ) فكيف و رب العزة يقول لست أنا أو أنت يقول عز وجل ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) بل حتى الحسن رضي الله عنه وأرضاه كان يخاطب معاوية بابن العم أحياناً فلنتق الله في ذوي قربى الرسول صلى الله عليه وسلم بل إنّ بداية الرسالة الربانية طالبت النبي صلى الله عليه وسلم بأن ( و أنذر عشيرتك الأقربين ) وهذا من أسس الشريعة بأن يق المسلم بداية نفسه ومن ثم أهله و أرحامه فلا تقترب من حمى النبي فتؤذيه في رحمه ظاناً نفسك أنك تصله و أنت عين المعتدي بل اترك مؤمنين قريش جميعهم وشأنهم فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في قريش ( اللهم كما أذقت أولهم عذابافأذق آخرهم نوالاً ) فهم خير الناس قبيلة كما ورد في أحاديث النبي ولا معذرة للكافرين منهم لكن نقول هذا للحقيقة بأن النبوة أتت في أجدر الناس وأكثرهم أهلية لها ذلك الوقت وجاهلية الكافرين من قريش لا تنفي هذه الحقيقة بل تؤيدها في كثير من المواقف والباحث المنصف يستنبط هذا الأمر راجياً من الله أن يمكن أحدهم من إجراء مثل هذا البحث بالمقارنة بين صفات الفرد القرشي خاصة وغيره من الناس فهم أخيراً من تحقق رجاء النبي صلوات الله عليه ( أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله ) فحملوا راية الإسلام شرقاً وغرباً كنقطة انطلاق وسنة أولية لغيرهم أتوا بعدهم فالمؤسسون القادة الأوائل في حركة الفتوحات هم حقيقة قرشيون والرسول صلى الله عليه وسلم قال لقريش ( إن هذا الأمر فيكم و أنتم ولاته ) وهنا أريد أن ألفت انتباه الدارسين أن روايات طعن الأنساب الغرض منها بث الشكوك والريب وإن اتضح العقل التآمري واتضحت خيوطه بجلاء في هذا الزمان فإن الأمر كان جد صعب تلك الأيام فإن أياد خفية كانت تنسج المؤامرات منذ القدم ويكفي لبرهان ذلك كشف العقلية التآمرية من قبل الله سبحانه الخالق العليم ممن يحادد الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وكشف النفسية الخبيثة الباطنية للمنافقين المتسترين برداء الإسلام أو أولئك المستهترين ونعذر المؤرخين فهم قدموا كل ما عندهم وجمعوا الغث والسمين ونقّحوا وبيّنوا ووضعوا الأسس للتحقيق وتكتمل فصوله يوماً بعد يوم إن شاء الله ولا معذرة لمن يستند على الأباطيل بل ونقول يكفيك قبحاُ أن تأخذ رواية لأحدهم تناسب هواك والتي تحتمل تأويلاً مناقضاً لهواك وتترك كل رواياته الأخرى البينة الواضحة من نفس السند لأنها تخالف معتقدك فلا تقترب من رواتنا ومؤرخينا المنصفين يا ظالم لنفسك فتنتقي ما شئت ويكفي مؤرخينا فخراً إنصافهم وجرأتهم بأن جمعوا الحق والباطل للتمييز أخيراً بينهما فدعهم وشأنهم ولا تدنس كتب مؤرخينا بنظرك الخبيث يا من تمكر بنفسك و أنت لا تدري 0 · ثانيا قصة أبو سفيان مع هرقل (0000قال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم إليه نسباً قال ما قرابة ما بينك وبينه ؟ فقلت هو ابن عمي وليس في الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري0000) إن الحديث الذي يرويه أبو سفيان رضي الله عنه وقصته مع هرقل يعتبر من أهم الوثائق التاريخية التي اعتمد عليها الكثير من كتاب السيرة وشرّاح الحديث الشريف وكان مصدراً شريفاً من مصادر البحث التاريخي التوثيقي وفيه يتبين لنا أن جاهلية أبو سفيان رضي الله عنه لم تكن كجاهلية غيره من كفار قريش بل إن صفاته النفسية والأخلاقية للمتتبع الصادق للروايات الموثقة تنم عن شرف وصدق ومروءة وعقل واتزان وسيادة لكن كل ذلك لا ينفع إن لم يتوج ذلك بالإيمان وهذا حق لكن ما أعنيه أن أبا سفيان كان يحمل الاستعداد للتلقي بل لديه من الإنصاف العقلي والصدق ما يجعله مؤهلاً أخيراً لأن يهديه الله هو أهل التقوى و أهل المغفرة فينقلب حاله من عدو للإسلام والمسلمين إلى أخ للمسلمين في الدين يقول عز وجل : (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) فسبحان الله مقلب القلوب اللهم ثبتنا على دينك و شرعتك وجزى الله صخراً عن هذه الوثيقة الصادقة والنافعة خيراً · ثالثا أبو سفيان رضي الله عنه و السيدة البتول فاطمة الزهراء رضوان الله عليها ( اللهم لا تنسها لأبي سفيان ) عندما كانت الزهراء رضي الله عنها صغيرة السِّنِّ أتت إلى أبيها صلى الله عليه وآله وسلم تشتكي أبو جهل فقد آذاها بأن لطمها وهي بعد طفلة فقال لها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : (اذهبي إلى أبي سفيان واشتكي له) وذهبت إلى أبي سفيان، وقالت له القصة، فأخذها أبو سفيان وكان مشركاً، وقال لها :الطمي أبا جهلٍ كما لطمك ، فلطمته وعادت، فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فرفع يديه إلى السماء وقال : ( اللهمَّ لا تنسها لأبي سفيان ) . يقول ابن عباس : فما أظنُّ أنَّ إسلام أبي سفيان إلا استجابةً لدعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه . فيا محب الزهراء ويا مدعي حبها هي ليست بحاجة لا لحبك يا محب وكلنا نحب ونبجّل ونقدّس وليست بحاجة لادعائك يا مدّعي ونعوذ بالله من الادعاء فهي سيدة نساء العالمين إنها أم أبيها وأبو سفيان هو من ذوي قرباها المؤمنين أما تخشى من لطمة تؤدي بك إلى عقاب أليم والعياذ بالله راجياً لك ولي الهداية التامة · رابعاً أبو سفيان رضي الله عنه و السيدة زينب رضوان الله عليها (ولعمري ما لنا بحبسها من أبيها من حاجة وما لنا من نؤرة) قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر قال: حدثت عن زينب أنها قالت: بينا أنا أتجهز لقيتني هند بنت عتبة فقالت: يا ابنة محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ قالت: فقلت: ما أردت ذلك. فقالت: أي ابنة عم لا تفعلي، إن كان لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك أو بمال تبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك فلا تخجلي مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال. قالت: والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل. قالت: ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك. قال ابن إسحاق: فتجهزت فلما فرغت من جهازها قدم إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيراًُ فركبته وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهاراً يقود بها وهي في هودج لها، وتحدث بذلك رجال من قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى الفهري فروعها هبار بالرمح وهي في الهودج، وكانت حاملاً فيما يزعمون فطرحت وبرك حموها كنانة ونثر كنانته. ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه. وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال: يا أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك، فكفَّ فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال: إنك لم تصب خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد، فيظن الناس إذ خرجت بابنته إليه علانية على رؤوس الناس من بين أظهرنا إن ذلك عن ذل أصابنا وإن ذلك ضعف منا ووهن. ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس أن قد رددناها فسلها سراً وألحقها بأبيها، قال: ففعل. وقد ذكر ابن إسحاق: أن أولئك النفر الذين ردوا زينب لما رجعوا إلى مكة قالت هند تذمهم على ذلك: أفي السلم أعيارا جفاءً وغلظةً * وفي الحرب أشباه النساء العوارك قال ابن إسحاق: فأقامت ليال حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلاً حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها ليلاً على رسول الله أقول: تأمل بالموقف النبيل لأبي سفيان وزوجته رضي الله عنهما وان كانت هند هي رمز من رموز الحقد في مصطلحات البعض من الناس أقول هذا صحيح وإنها كذلك بموقفها المعروف من عم الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن حقدها كان رد فعل لمقتل ابنها وأبيها و أخيها في غزوة بدر وهي لم تذق طعم الإيمان بعد لذلك إنه انفعال عنيف حجب عنها الاتزان فحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم كرد فعل أولي عند رؤيته جثة عمه حمزة عليه رضوان الله وسلامه أقسم بأن يمثل بسبعين من المشركين فالانفعالات العاطفية سواء كانت عنيفة أو لطيفة لها ما يبررها حتى أننا ما نزال في قرار نفوسنا نتكدر كما تكدر النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم و كأننا نعاين الحدث الأليم لكن لا نلبث إلا أن نقتبس من السراج المنير أنوار الهداية فالتشريع الرباني هو الفيصل من يحدد القيم الصحيحة فالنبي المرسل رحمة للعالمين كفّر عن يمينه ونهى عن المثلة واداركه ربه بنعمته و بالهامه الصبر فهو الرحمة المهداة عليه أفضل الصلاة والسلام المهم انظر الموقف العقلاني حالة السلم لأبي سفيان وزوجته رضي الله عنهما ونحن لا ندافع عن أبي سفيان ونذب عنه على حساب أطراف آخرين من أصحاب رسول الله عليه صلوات الله وسلامه بل نحترمهم أجمعين وهم حقيقة درجات فهيهات أن يستوي مثلا حمزة رضي الله عنه وأبو سفيان نعم هم درجات لكن نحن نجلهم جميعاً مع معرفة التفاضل فيما بينهم وهيهات ثم هيهات أن تستوي هند رضي الله عنها والسيدة زينب ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن بمجموعهم رجال ونساء نواليهم ونصلي ونسلم عليهم مع نبيهم ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . خامسا زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما ( هو الفحل لا يقرع أنفه ) َنْبَأَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ حَبِيبَةَ ، زَوَّجَها إِيَّاهُ النَّجَاشِيُّ ، فَقِيل لأَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ يُحَارِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ نَكَحَ ابْنَتَكَ . فَقَالَ : ذَاكَ الفَحْلُ لا يُقْرَعُ أَنْفُهُ . فَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى ابْنَتِهِ بَعْدُ ، فَسُمِعَ يُمَازِحُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَقُولُ : مَا هُوَ إِلا أَنْ تَرَكْتُكَ فَتَرَكَتْكَ الْعَرَبُ ! وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ ، وَيَقُولُ : " أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ والله لا أجد تعبيراً مناسباً يعبر عن قيم التسامح في ديننا العظيم وأقول أيضاً أن هذا المقتطف البسيط السابق يستنبط منه أمور سامية تعبر عن قيم التسامح والاحترام المتبادل بين طرفين مختلفين نعم إن كان التعامل يقوم على الاحترام والصدق والإخلاص وتحري الحق لا بد في نهاية المطاف أن يلتقي المتخالفين بنقطة تجمعهما وينتهي ويزول الخلاف أقول : والله لو لم تكن لأبي سفيان إلا هذه العبارة الجميلة بمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم لرغبت في إسلامه لو لم يسلم ولغضبت منه وعليه وكرهته فكيف والرجل قد أسلم و آمن والنبي صلى الله عليه وسلم الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ليس بحاجة لمزيد تزكية ولكن كلمة الحق والصدق في وصف رسول الحق والصدق تكون محببة إلى النفوس وتطرب بها الأفئدة ( هو الفحل لا يقرع أنفه صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم ) أي الكفؤ الكريم الذي لا يرد أبداً · سادسا طرف من إسلام صخر بن حرب رضي الله عنه ( لو كان مع الله إله غيره لكان أغنى عنا يوم بدر ) أورد ابن الأثير في أسد الغابة " لما أراد أبو سفيان الانصراف أشرف على الجبل ثم نادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال يوم بيوم بدر اعل هبل - أي أظهر دينك - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: قم فأجبه. فقال: الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فلما أجاب عمر أبا سفيان قال أبو سفيان: هلم إلي يا عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ائته فانظر ما يقول ". فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمداً قال: لا وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر - لقول ابن قمئة لهم: قد قتلت محمدا أقول : صادق يحب الصدق لا بد أن تكون عاقبته الحسنى إن شاء الله انظر لموقف أبي سفيان وكأنه يريد أن يتحرى عن شكوك تراوده حول حقيقة التوحيد والرسالة والنبوية فالشكوك والعقل الحر بدأ بالتفكير من بعد غزوة بدر فقد ورد عن أبي سفيان أنه أثناء فتح مكة عرض عليه صديقه العباس بن عبد المطلب بأن يشهد بأن لا إله إلا الله فقال أبو سفيان ( لو كان مع الله إله غيره لكان أغنى عنا يوم بدر ) أما كلامه فيما سبق ( بأعل هبل ) هو ليس إلا مكابرة على الحقيقة وجحوداً ظاهرياً فهو سيد قومه ولا تحسبن الأمر بهذه السهولة يا من خلقك الله عز وجل من والدين مسلمين وفي حياتنا اليومية عينات بسيطة من مكابرة على حقيقة ما نجد أحياناً صعوبة في الرضوخ للحق فكيف بسيد قومه لذلك كان التثبيت والتأييد والأجر كبيراً فهذا فرعون أرسل الله عز وجل إليه موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام بل وفي صفهم مؤمن آل فرعون بل وخاطبهما رب العزة بأن يقولا له قولاً ليناً أي يعاملوه بمنتهى الحكمة والروية والحجة والدليل والبرهان الساطع والآيات العظيمة لذلك كان مقابل جحوده أمام كل تلك العطايا الإلهية والآيات الكبرى بأن كانت عاقبة أمره خسرا فلله الحجة البالغة ولا عذر لكفر أو معصية ولنفرض أن فرعون آمن و أسلم لكان بقي له الملك والسيادة والمجد ولكن هذه المرة بتنفيذ شريعة الله لا شريعة هواه وهذا ليس من عندي أورده بل هو استنتاج من قوله سبحانه و تعالى بخطاب مؤمن آل فرعون ( يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن يعصمنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ففرعون يريد ملكاً تابعاً لهوى نفسه وربوبيته لا تابعاً لشريعة الله كونه عبداً له سبحانه وتعالى ما أريد أن أصل إليه أن إيمان أبو سفيان كان متسلسل التسلسل المنطقي تبعا لظروف متلاحقة أرضخت أخيراً عقله الحر أن يسلم وجهه لله حنيفاً وهو القائل في غزوة الخندق (إن كنّا نقاتل أهل الأرض فنحن بالقدرة عليه، وإن كنّا نقاتل أهل السماء كما يقول محمد فلا طاقة لنا بأهل السماء،) ولو فعل ذلك تبعا لقناعته المبكرة وأسلم وجهه لله لكان له فضل أكبر نتج عن سبق فكان من السابقين الأولين لكن الله العليم الحكيم الفعال لما يريد بعلمه بأحوال عباده يفعل ما يشاء فهو العليم الفعال لما يريد وانظر تتمة ما قال عند إسلامه عندما أمره النبي أن يشهد بأنه رسول الله قال أبو سفيان (أما هذه فما يزال في النفس منها شيء) لكنه أسلم أخيراً ولكن انظر إلى صدقه حتى النهاية ومع ذلك قد نطق بالشهادتين أخيراً ولنقل مضطراً ولمّا يرتقي إيمانه إلى مستوى السابقين الذين عاشوا أجمل أيام عمرهم مع رسول الله فلمسوا وتحروا الرشد والنور عن قرب ومعايشة ارتقى إيمانهم بتلك الأحداث المتتابعة مع نبيهم القائد صلى الله عليه وسلم والمؤيد من الله سبحانه وتعالى فأبو سفيان يبدوا بينهم ابتداءً كتلميذ مبتدئ لا يعلم أبجد هوز الأنوار الربانية بعد ولم يذق من النفحات المحمدية بعد لكن مع توالي الأيام كان أن ازدادت معرفته وتذوقه لحلاوة الإيمان وجمال الإسلام ومع ذلك سيبقى هناك فارق السبق مع استمرار الصدق سيعطي الفارق باستمرار بل وربما سبق بعضاً من عوام المسلمين رضوان الله عليهم أجمعين في بعض الأمور لا ندري والفيصل في هذا الأمر هو تفويض الأمر أخيرا إلى الله هو قوله تعالى (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير) وجاء في الاستيعاب لابن عبد البر "أسلم فحسن إسلامه فيقال: إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله( صلى الله عليه وسلم) حياء منه" · سابعا النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أبا سفيان رضي الله عنه يقول الله عز وجل (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير) قال ابن الأثير في أسد الغابة "كانت راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيد سعد بن عبادة يوم الفتح فمر بها على أبي سفيان وكان أبو سفيان قد أسلم فقال له سعد: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشاً فلما مر رسول الله في كتيبة من الأنصار ناداه أبو سفيان: يا رسول الله أمرت بقتل قومك زعم سعد انه قاتلنا وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن سعداً أن تكون منه صولة في قريش فقال رسول الله: يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله قريشاً فأخذ رسول الله اللواء من سعد وأعطاه ابنه قيساً أقول: نعم إن الله قد أعز هذه القبيلة الشريفة خير قبائل الأرض كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهنا لا بد من الرجوع إلى بيان أن تقرير الأفضلية لا يعني التعصب والنعرة القبلية لا فالمعيار هو للتقوى أخيراً فالضعيف المؤمن خير من القوي الكافر بل لا خير في قوي يبقى على كفره فالمعيار هو للتقوى فالقوي أهان نفسه بكفره والضعيف أعز نفسه بإيمانه فكيف إن كان المؤمن قوياً فالعصبية والقبلية لا مكان لها في ساحة الإيمان وإنما هو الاعتزاز بالانتماء فحسب ولا بأس في ذلك من تقرير مميزات تميزوا بها عن غيرهم أعز الله قريشاً صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنا لا بد أيضاً من الرجوع إلى تقرير وتأكيد حقيقة أننا لا نفاضل بين أحد بل نقرر تبعا للدليل والأثر الصادق فسعد بن عبادة رضي الله عنه انفعل انفعالاً مبدئياً بناء على أحداث وصولات وجولات سابقة فهو يبقى بشر يخطئ (ليس كأحدنا فصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم كل واحد منهم كان أمة ً بمفرده ) لكن سرعان ما ينضبط بشريعة الله ومنهاجه ولا بد أن يُراعى مفهوم الانفعال المؤقت والانفعال الدائم في فهم كثير من الروايات التاريخية الصحيحة بل لا بد من مراعاة الجو النفسي للحدث لكي تخرج بحكم يلامس الواقع في كثير من جوانبه مع تصور الصفات الشخصية البشرية لكل شخصية تبعاً لقرائن وبينات جليات وان لم نستطع الإحاطة بجميع الجوانب تخيل معي ذلك السيد الذي أصبح الآن كآحاد المسلمين غير أن النبي صلى الله عليه وسلم القائل (ارحموا عزيز قوم ذل ) وطبعا الذل هنا ليس حقيقي فالعز حصل بالإيمان والإسلام وإنما هو عبارة عن فقدان السيادة والمكانة السابقة فلا بد من حدوث شرخ نفسي بداية ثم ما يلبث هذا الشرخ أن يزول مع ازدياد اليقين نعم فقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بمراعاة هذا الجانب فكان الجملة المحفورة في أذهان العالم والجاهل فينا ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) وفي غزوة حنين أعطاه ( من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، فقال للرسول صلى الله عليه وسلم ( والله إنك لكريم، فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرًا) و ولاه النبي صلى الله عليه وسلم سبي حنين وكانوا ستة آلاف سبي فأبو سفيان رضي الله عنه طلب أيضاً من النبي صلوات الله عليه وسلامه أن يؤمره لقتال الكفار كما كان يقاتل المسلمين وقال الكلبي وغيره : ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نجران فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليها وقال ابن حجر في الإصابة "عن سعيد بن عبيد الثقفي قال رميت أبا سفيان يوم الطائف فأصبت عينه فأتى النبي ( صلى الله عليه وسلم) فقال هذه عيني أصيبت في سبيل الله قال إن شئت دعوت فردت عليك وإن شئت فالجنة قال الجنة أقول : لا غرابة يا أخي في حدوث هذا التحول في شخصية أبي سفيان رضي الله عنه بل لقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لتدمير صنم اللات في إحدى القبائل مع المغيرة رضي الله عنه ليزداد إيماناً ويقيناً نعم لقد حدث الانقلاب فلمَ الغرابة فهذا هو ذات الانقلاب بنعمة الله لكنه أسبق والذي تغير من خلاله الفاروق الإمام عمر والبطل عمرو بن العاص والقائد الفذ خالد بن الوليد رضوان الله عليهم أجمعين وإلا لما كان للرسالة الربانية تأثير ولما كان هناك أصلاً نبوة فالرسل عليهم الصلاة والسلام ينقلون الناس من الظلمات إلى النور بوحي الله و أمره ومراده نعم هنيئاً لك البشرى يا أبا سفيان من النبي صلى الله عليه وسلم وشتان بين عين مبصرة في الدنيا وعين مبصرة في جنات النعيم بل إن موقفك ذكرني بذاك الصحابي الأعمى رضي الله عنه الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعوا له بأن يرد الله عليه بصره فنصحه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر والصبر خير لكنه أحب أن يرجع له بصره فتوجه بالنبي صلى الله عليه وسلم ورجع له بصره ولا موازنة ولا مقارنة فيما ذكرنا فصحابة النبي صلى الله عليه وسلم كلهم نترضى عليهم ونغبط صحبتهم للنبي فهم السابقون الأولون لكن هنا أردت لفت الانتباه إلى بشريتهم أيضاً جنباً إلى جنب مع بطولاتهم ومواقفهم المشرفة فيروى مثلاً أنه جاء أبو سفيان رضي الله عنه زمن عمر رضي الله عنه ومعه عمرو بن العاص الملقب بداهية العرب فاستأذنا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم يُؤذن لهما فجاء الموالي الذين أسلموا وأعزهم الله بالإسلام كبلال ونفر غيره فاستأذنوا على عمر فأذن لهم فما كان من أبي سفيان رضي الله عنه إلا أن غضب وقال " والله ما ظننت أن أُحبس على باب عمر ويدخل هؤلاء " فقال له عمرو بن العاص " والله ما علينا أن نُحبس على باب عمر ويدخل هؤلاء ولكن علينا أن نُحبس على أبواب الجنة ويدخل هؤلاء لأنهم دُعوا إلى الإسلام فأسرعوا ودُعينا فأبطئنا أقول : فمثل هذا الموقف لا داعي لأن تجعل منه عين ماكرة نقطة من نقاط إثارة الشبهات بل هناك الكثير من مواقف الصحابة البشرية رضوان الله عليهم أجمعين لا تنم إلا عن سلامة النية والطوية الصادرة من قلب سليم و أمر طبيعي أن تحدث مثل تلك التصرفات البشرية وربما تكون طائشة لكنها مؤقتة سرعان ما يضبطها الإيمان ويصححها اليقين وهناك كثير منها بل بين من هم أفضل من أبو سفيان رضي الله عنه بكثير لكن الألفة والوحدة والحب والالتزام بأوامر الشرع هو القاهر والمهيمن على جميعهم أخيراً · ثامنا شهادة أبو سفيان في الإسلام يقول الله عز وجل (واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) ويقول ( اثنان ذوا عدلا منكم ) ورد في معاهدة النبي صلوات الله وسلامه عليه مع نصارى نجران في نهاية الكتاب ما يلي( ...ولا يطأ أرضهم جيش ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين ومن أكل ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير منقلبين بظلم) شهد أبو سفيان بن حرب وغيلان بن عمرو ومالك بن عوف والأقرع بن حابس الحنظلي والمغيرة بن شعبة أقول : عند قراءة نص الكتاب تنتشي أيما انتشاء بعظمة التشريع الرباني و برحمة الرسالة الخاتمة المنزلة على المرسل رحمة للعالمين انه دين الله وشريعته لا دين كسرى وهرقل و منهاج الله لعباده لا منهاج عبد لعبد مثله يا أخي مشكلتنا هي في عدم إدراكنا الصحيح لمعنى العبودية ومعنى الربوبية لذلك تجد الكثير منا يتطاول ويتعصب نصرة لرأي معين وكأن الله سبحانه وتعالى له فقط يرحم به من شاء وينتقم به ممن يشاء وكذلك خصمه يفعل مثله أيضاً تعالى الله علواً كبيرا وأستغفره الهنا جميعاً وخالقنا سبحانه وتعـــــالى علـوا كبيـــرا عما تصف ألسنتنا نحن يا أخي لا غرض لنا سوى تبصرتك بالحق فلا نملك جنة ولا نار ونفوض أمرنا جميعاً إلى الله الخالق العزيز الحكيم لكن هذا لا يعني السكوت عنك وعن أمثالك من الطائشين فلا بد لمنهاج الله أن يوضّح وشريعته لا بد أن تأخذ مجراها في الدنيا و أمر الآخرة بيد مالك يوم الدين سبحانه إيّاه نعبد وإيّاه نستعين فتقرير الأحكام ينبغي أن يكون على أساس الحب بالله والبغض بالله فالخير هو الأصل ( بيده الخير ) وبالعودة إلى كتاب العهد نجد أن أحد الشهود هو أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه ونحن نعلم قيمة الشهادة في التشريع الرباني وشروطها فلو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أن صخر بن حرب رضي الله عنه ليس عدلاً لأن يشهد لما أشهده على مثل هذا الكتاب ولو أن الغل والكراهية باقية في نفوس الصحابة الأطهار الأبرار الأخيار أصحاب القلوب السليمة لو أنها باقية كما تتصور يا صاحب الغل الأسود لو بقيت لما انضبطت شؤون حياتهم ولما انتشر النور إلى تلك الآفاق الواسعة لكنه الإيمان الذي يطّهر القلوب ويجلوا الصدور يقول عز وجل : (فَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ) بل كان الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً يحبون الناس أجمعين لدرجة أن نبههم الله سبحانه وتعالى بأن هذا الأصل لكن لا أن يكون الحب على سبيل التضحية ببعض مبادئ الدين الأقدس من كل أمر وإلا فلا بأس في أن تحب يقول عز وجل : (ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم ) بل هل الدين إلا حب الناس وإرادة الخير لهم كونهم عباد الله أرسل لهم رسلاً تتراً والغاية إرادة الخير لأنه سبحانه بيده الخير وكي لا يكون للناس حجة من بعد الرسل فيكفي إثارة للأحقاد والضغائن فليست من أخلاق المؤمن بل أكثر ما يدخل الناس الجنة هو حسن الخلق كما نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل سألنا أنفسنا هل نحن بمقام الشهود العدول كأبي سفيان رضي الله عنه وإخوانه بل يكفيه فخراً هذا المؤمن القرشي أن يقول له رسول الله ؟أقول من ؟؟ نعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( اشهد) يا من لم تعرف حق عبوديتك له سبحانه ولم تعلم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمثله في تفكيرك الأحمق وكأنه رسول لعبد الملك لا رسول ملك الملوك الخالق سبحانه وتعالى وصلى الله على نبيه وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً · تاسعا طرف من جهاد صخر بن حرب رضي الله عنه يقول الله عز وجل ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) ورد في تاريخ ابن كثير حدثني ابن شهاب ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل أبا سفيان بن حرب على بعض اليمن فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل فلقي ذا الخمار مرتداً ، فقاتله ، فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين . قال ابن شهاب : وهو ممن أنزل الله عز وجل فيه ( عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم ) . قال سعيد بن المسيب عن أبيه قال: هدأت الأصوات يوم اليرموك فسمعنا صوتاً يكاد يملأ العسكر يقول: يا نصر الله اقترب، الثبات الثبات يا معشر المسلمين، قال: فنظرنا فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه يزيد،ولما أصيبت عينه يوم الطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم قال له سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعينه في يده: أيما أحبّ إليك: عين في الجنة أو أدعو الله أن يردها عليك؟ قال: بل عين في الجنة. ورمى بها، وأصيبت عينه الأخرى يوم اليرموك تحت راية يزيد ابنه وقام أبو سفيان بن حرب ( رضي الله عنه) في الناس فتكلم كلاما حسنا من ذلك قوله: ( والله لا ينجيكم من هؤلاء القوم ولا تبلغن رضوان الله غدا إلا بصدق اللقاء والصبر في المواطن المكروهة وهنا نذكر الحديث القدسي (من ابتليته بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة) ولا ننسى قوله تعالى (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) فأجر المجاهد وبشائره معلومة و في هذا أدلة وافية كافية شافية من الكتاب والسنة كثيرة جداً اكتفيت بذكر الآية السابقة فقط فمن لا يؤمن بالدليل الواحد الباهر لن يؤمن بمئات الأدلة و لا بد من ربطها عند دراستنا لشخصية إسلامية بتلك الدراسة وأريد أيضاً أن أوضح إلى أن عمر أبو سفيان رضي الله عنه كان في السبعين أو الثمانين أي تصور رجل بهذا العمر المتقدم على صهوة جواده يجاهد في سبيل الله أليس الأمر مثير للإعجاب والدهشة ثم يأتيك شاب متخنث يريد ذمه والتشكيك في إيمانه فلا نامت أعين الجبناء ولمّا حضرته الوفاة: قال ( لا تبكوا علي فإني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت ) وهنا أذكر موقف سهيل بن عمرو رضي الله عنه المماثل لموقف صخر بن حرب رضي الله عنه حيث أن سهيلاً يقول والله لا أدع موقفاً مع المشركين، إلا وقفت مع المسلمين مثله، ولا نفقة أنفقتها مـع المشركيـن، إلا أنفقـت مع المسلمـين مثلها، لعل أمـري أن يتلـو بعضه بعضا )...بل هناك رواية تدل على ورع أبو سفيان حيث أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أراد أن يرجع له مالاً من تجارة لهند بنت عتبة رضي الله عنها أرسلته لأبي سفيان كان عمر بن الخطاب قد احتجزه لشبهة اجتهادية فقال أبو سفيان رضي الله عنهما كنت لآخذ مالاً عابه لي عمر ومات رضي الله عنه في خلافة عثمان بن عفان عاشرا من ذرية صخر بن حرب رضي الله عنه يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه ( إذا ذهب بنو حرب ذهب حلماء الناس) الحديث هنا يطول ولكن أحببت أن أورد كلمات بسيطة في هذا الشأن وسأكتفي بثلاثة منهم هم كالنجوم الزاهرات في سماء صخر بن حرب رضي الله عنه و سماء الإسلام والمسلمين وسأكتفي بكلام موجز جداً أو أقوال بسيطة **السيدة أم حبيبة** من المعلوم السيدة رملة أم حبيبة رضي الله عنها هي إحدى أمهات المؤمنين وهي أقربهن نسباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهن صداقاً و عقد عليها وهي بعدُ في الحبشة فيا لها من مفخرة لأبي سفيان رضي الله عنه وخاصة بعد أن نال الشرف الأكبر الذي لا فائدة لشرف دونه وهو شرف الإسلام نعم إنها مفخرة بأن تكون بينه وبين النبي مصاهرة و شرف عظيم كان كبار الصحابة يرجون نواله وهنا أذكر موقفين للسيدة أم حبيبة رضي الله عنها موقف مع والدها عندما رفضت أن يجلس على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم قائلة : (يا بنيّة ، أرغبتِ بهذا الفراش عنّي؟ أم رغبتِ بي عنه ؟ فقالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنت امرؤ نجسٌ مشرك ) والموقف الآخر: أنه لما جاء نعي أبي سفيان رضي الله عنه من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث ، فمسحت عارضيها وذراعيها ، وقالت إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا ) . فانظر حفظك الله إلى الالتزام الكامل بتعاليم القرآن وسنة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام نعم لقد مات أبو سفيان رضي الله عنه بعد أن كان إسلامه قرة عين لها أما آن لك يا أخي أن تكف عن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم و أم المؤمنين أم حبيبة والمؤمنين جميعاً فتصحح اعتقادك فتلتزم الأدب ومن يتأثر بهذا الأخ تجده أيضاً يشك ويرتاب فويل لنفس من شحها وهذا يورط بالريبة بجميع من آمن من سابقين ولاحقين وكأن لا هم ل