لإسلام رجل 00 أحب من قتل الف رجل !
في الحديث : { والذي نفسي بيده لإسلام رجل احـب إليٌ مـن قـتل الـف رجــل ..
بعث الرسول - عليه الصلاة والسلام - رحمة للعالمين، فكان آية في العفو والصفح والصبر الجميل وكظم الغيظ وحسن الخلق، حتى عرض عليه أصحابه أن يقتل عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين الذي دبر المكائد ضد الإسلام ورسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - فما كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أن قال: «لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه»، وقام وحشي بن حرب بقتل حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيد الشهداء إلى يوم القيامة وأسد الله في أرضه، قتله غيلة وغدرا يوم أحد بعد أن فعل حمزة بالمشركين الأفاعيل، فوقف صلى الله عليه وسلم على جثمان حمزة حزينا كئيبا وقال: «والذي نفسي بيده لا أقف موقفا أغيظ لي من هذا الموقف»، ثم أسلم وحشي بن حرب واندس في وفد الطائف مختفيا لما قدموا على الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال الصحابة: هذا وحشي يا رسول الله الذي قتل حمزة ألا نقتله؟ فسألهم: «هل قدم مسلما»؟ قالوا: نعم. قال: «والذي نفسي بيده لإسلام رجل واحد أحب إليَّ من قتل ألف كافر»، فقبل إسلامه وعفا عنه، وهذا حديث ثابت في السيرة وفي الترمذي.
وروى الطبري في تفسير قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا»، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل سرية تقاتل المشركين وفي سريته رجل اسمه محلم بن الصعب بن جثمامة، فمر بالسرية رجل، فلما رأى الصحابة أعلن إسلامه، وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكان بين هذا الرجل وبين محلم بن الصعب إحن وثارات في الجاهلية، فقام محلم وحمل عليه السيف وقتله وقال: إنما ألقى علينا السلام خوفا من القتل. فأخبر الرسول - عليه الصلاة والسلام - فاشتاط غضبا، وامتلأ حزنا. قال ابن عمر: والله ما رأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - أشد غضبا وكربا من ذاك اليوم.. فذهب القاتل محلم إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجلس بين يديه وقال: استغفر لي يا رسول الله. فرفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - يديه مغضبا وقال: «اللهم لا تغفر لمحلم» ثلاث مرات، فقام محلم يمسح دموعه بردائه ثم تمرض ومات بعد أيام، فأتى الصحابة يدفنونه، كلما دفنوه في قبر لفظه القبر، فأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن «الأرض تقبل شرا منه، ولكن الله أراد أن يعظكم».
وأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة وقاتلوه ثم أسلم بعضهم وأخذوا يقولون: صبأنا صبأنا.. يعني: أسلمنا، فلم يفهم خالد مقصودهم فأمر بقتلهم، فلما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - قام واقفا واستقبل القبلة ورفع يديه وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» مرتين.. رواه البخاري. وأرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد يقاتل الكفار، وخرج رجل من المشركين فقتل من المسلمين كثيرا، فلما تمكن منه أسامة رفع السيف عليه فقال المشرك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فقتله أسامة، فتغيظ عليه الصلاة والسلام، وغضب غضبا شديدا، فلما قدم عليه أسامة صاح في وجهه: «قتلته بعدما قال لا إله إلا الله»؟ قال أسامة: إنما قالها تعوذا. فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من لك بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاج عنه يوم القيامة»؟ رواه مسلم. ولما أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب إلى اليهود ورأى تصميم علي وعزمه على قتالهم في خيبر قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادعهم إلى لا إله إلا الله، وأني رسول الله، والذي نفسي بيده لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم».
أرجو من الأمة أن تقرأ هذه النصوص وأن تقف عندها طويلا، وأرجو من المتسرعين إلى القتل والمتعطشين إلى الدماء أن يقفوا وقفة محاسبة وخوف وخشية ومراقبة لله - عز وجل - وألا يأخذوا بالتأويل والأعذار الواهية والاحتمالات في قتل الأنفس المعصومة والمعاهدة والمستأمنة والأطفال والشيوخ والنساء والعزل، أرجو ألا يحمل السلاح إلا على العدو المحتل المغتصب المستهتر بالدماء والأعراض والشرائع والمواثيق الدولية، أرجو أن ندخل الأمن والأمان والسلم والسلام على العالم ليدخلوا في دين الله أفواجا.
د0 / عائض القرني ـ
منقول