طهران، الآستانة، دبي - أ ب، رويترز، أ ف ب - اعتبرت الولايات المتحدة امس، ان العقوبات المفروضة على ايران بسبب برنامجها النووي، أبعدتها الى «هوامش النظام المالي العالمي»، وقد تكبّدها خسائر بقيمة 60 بليون دولار في مجال الطاقة، كما أعاقت تطويرها «قدرات تسلّح نووي»، وقيّدت «نشاطاتها المزعزعة لاستقرار المنطقة».
في غضون ذلك، اتهمت طهران مجلس الأمن بالتواطؤ في اغتيال العالِم النووي مجيد شهرياري، لنشره أسماء مسؤولين ايرانيين يخضعون لعقوبات دولية، بسبب مشاركتهم في برنامجها النووي، ملوحة بـ «مقاضاة» الأعضاء الدائمين في المجلس.
وشهرياري الذي شُيّع أمس، لم يكن على لائحة العقوبات، لكن اسم العالِم النووي الآخر فريدون عباسي الذي جُرح في تفجير الاثنين، ورد في أحد قرارات المجلس، بوصفه «عالماً بارزاً في وزارة الدفاع الإيرانية».
وقال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد: «نحمّل مسؤولية هذه الجرائم لمن صادقوا على قرارات ضدنا، لأنهم ذكروا اسماء علمائنا فيه. يشهد علي الله، إذا حدث ذلك مرة ثانية، سأقاضي كلّ عضو دائم في مجلس الأمن».
وتحدث أبرز المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي، عن «فضيحة كبرى لمجلس الأمن، عندما ينفّذ ارهابيون قراراته»، فيما اعتبر رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» علي أكبر صالحي أن «الأشرار أرادوا ان يظهروا وجههم القبيح، وجه سياسة العصا والجزرة، قبل المفاوضات النووية» بين جليلي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون المقررة في جنيف الاثنين والثلثاء المقبلين.
وقررت طهران تعزيز اجراءات حماية علمائها النوويين، اذ أعلن نائب وزير الداخلية علي عبدالله ان «حماية الأكاديميين ستتم في شكل اكثر جدية».
في واشنطن، شدد وليام برنز مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية على ضرورة «منع ايران من تطوير سلاح نووي، ومواجهة نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة». وقال في جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب: «وفقاً لتقديرات موثوق بها، قد تراوح الخسائر الإجمالية لإيران في استثمارات الطاقة، بين 50 و 60 بليون دولار، إلى جانب التكنولوجيا الضرورية والمعرفة الفنية التي تصاحبها». وأضاف: «العقوبات أعاقت تطوير ايران قدرات تسلّح نووي، ووسائل إطلاقها (تلك القنابل)، كما صعّبت عليها مواصلة نشاطاتها المزعزعة لاستقرار المنطقة».
وأشار الى أن «باب الحوار الجاد مفتوح، إذا أرادت ايران عبوره. اذا كانت ايران صادقة، ليس من الصعب أن تظهر للمجتمع الدولي، أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية». وشدد على ضرورة التطرق خلال مفاوضات جنيف، الى تخصيبها اليورانيوم بنسبة 20 في المئة.
وشدد على أن واشنطن «ستواصل طمأنة الأصدقاء والشركاء في الخليج، حول التزامنا البعيد الأمد بأمنهم، وهذا ما ينعكس في الزيارات للمنطقة والتي سيجريها خلال الأسبوعين المقبلين وزيرا الخارجية هيلاري كلينتون والدفاع روبرت غيتس».
أما ستيوارت ليفي، مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، فأشار الى ان «الشركات الكبرى تعلن في شكل متواتر، أنها حدّت من تعاملاتها التجارية مع إيران او انسحبت منها كلياً». وقال في شهادة امام اللجنة ذاتها: «استهانت القيادة الإيرانية كما يبدو بمدى شدة الإجراءات المالية العالمية وتأثيرها، ما زاد الانتقادات الداخلية والاتهامات في إيران».
ولفت الى ان طهران كانت قادرة قبل سنوات على التعامل مع أبرز المصارف في العالم، معتبراً انها باتت الآن «منفية الى هوامش النظام المالي العالمي، وتواجه صعوبة متزايدة في الاستعانة بخدمات مالية واسعة النطاق ومتطورة، تلزمها لتدير في شكل فاعل اقتصاداً حديثاً».
في الأستانة، اعتبرت كلينتون مشاركة ايران في مفاوضات جنيف «خطوة مشجعة». وقالت على هامش قمة «منظمة الأمن والتعاون في اوروبا»: «إنها فرصة لإيران كي تأتي إلى الطاولة وتناقش القضايا التي تهم المجتمع الدولي، وأولها وأهمها برنامجها النووي. هدف المفاوضات سيكون تأكيد قلق المجتمع الدولي من ممارسات ايران ونياتها».
وأكدت نية الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) مناقشة اقتراح لتبادل الوقود النووي كان قُدم لطهران قبل سنة، مشددة في الوقت ذاته على «.... تعديله» ليأخذ في الاعتبار زيادة ايران مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وتخصيبها يورانيوم بنسبة 20 في المئة.
الى ذلك، أكد سامي القمزي المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي، إن «قطع التجارة مع إيران ليس خياراً مطروحاً أبداً». وأشار الى ان العقوبات المفروضة على ايران «ستؤثر» على اقتصاد دبي، مستدركاً: «لكننا نأمل بأن نتوصل عبر المفاوضات، إلى تسوية لتقليص الأثر السلبي. هذه مسألة اتحادية، والإمارات ستستجيب لكلّ القرارات».