(من ديوان ثورة الشعر)
كنت مشرداً في باكستان بعد نكبة عام 1948 ومطارداً من كل بلد عل ظهر الأرض, وكانت البلاد العربية كلها تحت سلطان العروش التي هزها مصرع الامام يحي , وكانت كل حركات الشعوب تعاني نكسةعامة, ولم تكن لنا ملاذاً يومئذ غير باكستان الدولة الإسلامية الفتية التي كانت محط كل الآمال.
ومع ذلك كانت قضية اليمن مجهولة هناك تفصل بينها وبين الباكستانيين حواجز اللغة والعزلة والانقطاع الرهيب.
ومن هنا...تفاقمت المشكلة.
وعىل الجانب الرهيب الآخر كان الأحبة كلهم شركاء المحنة وزملاء الكفاح يساقون الى المذابح في حجة وصنعاء وتعز وتسحب جثثهم في الطرقات . وكان اسعدهم المعذبون في ظلمات السجون والمشردون في مجاهل افريقيا.
وقد أضافت الأقدار لي الى محنة التشرد محنة التقيد الارتباط بمصير السجناء المهددين بالذبح فشت هذه البرهة الثقيلة الطويلة مقيداً بظروفي في الخارج, وظروف الأحبة في الداخل , فكانت كل هذه العوامل تستبعدني وتشعرني بالعجر والمرارة وعندما كانت تعتورني حالات الضعف الانساني أبادر فأسجل مشاعري على حقيقتها .
من ذلك قصيدة كنت أود أ، أبعثها الى السجناء وضاعت من يدي ولم أتذكر منها غير هذه الابيات:
خذلتني حتى المقادير لما
وجدتني في غمرة الهول وحدي
أتوقى من المصارع كيلا
يتناهى إليكم الخطب بعدي
لم أكن بالجبان لكن هواكم
فوق بأسي وفوق عزي ومجدي
كلما أبتُ للحفاظ تصدى
لي هواكم فشلّ كفي وحدي
****
يطلب الهم للحريق والتعذيب
...مني أضعاف لحمي وجلدي
وتريد العلى وقوداً من الأعصاب
...لم تُبقِ ذرة ً منه عندي
قد- لعمري - أفلست من كل صبر
كنت أحيا به ومن كل جُهد
قد عصاني قلبي وجنت أحاسيسي
...وثارت نفسي مع الدهر ضدي
****